وكل ما يُتلقى من العرف، فوفاقه من ظهور العرف مع انتفاء الريب. والوفاقُ في نفيه لانتفاء العرف من غير شك، والاختلاف سببه تطرّق الريب إلى العرف وإمكان تقابُل الظنون. وألحقنا الدابة المسيَّبة، وإن صادفناها قريبةً بالمرتبطة البعيدة؛ لأن الدابةَ إذا كانت مسيّبةً، فلا ضبط لها، ويستحيل أن [يُعوِّل](١) من يبغي ضمَّها إلى الطفل على قربها، ثم يتركها مسيَّبةً.
٦٠٣٦/م- ولو صادفنا تحت الطفل دفيناً في الأرض، فهو بمثابة ما يبعد، وإن كانت مسافة العمق بحيث لو فرضت بين الطفل وبين الثوب المطّرح، لكانت قريبةً داخلةً في الوجهين.
والسبب فيما ذكرناه أن الدفن في قصد الضم إلى الطفل مما لا يُعتاد؛ إذ لا يعثر على الدفين لاقط المنبود إلا على وفاق.
واضطرب أصحابنا في صورةٍ، وهي أنا إذا وجدنا في أدراج ثوب الطفل رقعةً مضمونُها: أن تحت الطفل دفينٌ، وهو له، فليأخذه لاقطه، فهذا مما اختلف الأصحاب فيه: فمنهم من لم يبالِ بالرقعة، وأجرى القياس في الدفين على ما ذكرناه، ومنهم من ألحق الدفينَ بسبب الرقعة بما هو تحت يده؛ فإن مثل هذا غير منكر في العرف.
ثم من عوّل على الرقعة فيما ذكرناه، فليت شعري ما قوله فيه إذا أرشدت الرقعة إلى دفينٍ بعيدٍ، أو إلى دابةٍ ربيطةٍ بالبُعد، وهذا فيه تردّدٌ ظاهر؛ تخريجاً على ما ذكرناه من الخلاف في الدفين تحت الطفل، أو قطعاًً عن تلك الصورة، والعلم عند الله تعالى.
٦٠٣٧ - وممَّا نختم به هذا الفصل أن من لقَطَ المنبوذَ، صارَ أولى به، وأحقَّ بحضانته، إذا كان من أهل الحضانة، ولا يسوغ لأحدٍ مزاحمتُه.
أما الأموال التي تكون تحت يده، ففيها وجهان: أحدهما - يكون أولى بحفظها.