ومن أصحابنا من قال: هذا الذي ذكره الشافعي محمول على أنا نتوصل إلى ذلك برفق، ونستعطف فيه والدي الصبي، فإن أبيا، لم نحل بينه وبين والديه؛ فإن لَفْظَ الصبيّ في ذلك لا حكم له.
وكان شيخي يحكي عن الأستاد أبي إسحاق أنه قال:" من مات من صبيان الكفار، لم نقطع له بالفوز في الآخرة ".
وأمْرُ أطفال الكفار على تردّدٍ بيِّنٍ في الأخبار، وليس الخوض فيه من مناصب الفقه؛ فإن الفقه لا يتعدى أحكام الدنيا.
ثم كان يقول:" إذا عقل صبيّ وعلم الإسلام واعتقده، فهو من الفائزين لو مات على عقده هذا صبيّاً، وإن كان لا يتعلق بإسلامه أحكام الدنيا ".
وما عندي أن هذا الحبر يخالَف فيما صار إليه، ثم اتباعه يجر إشكالاً في المسألة عظيماً؛ فإن من يُحكم له بالفوز لإسلامه كيف لا يحكم بإسلامه.
هذا منتهى القول في حصول الإسلام بالتبعية؛ فإنه يتعلق بالصبيان، والمجانين.
٦٠٧٠ - ونحن نبدأ بالصبيان أولاً، فنقول: التبعية في الإسلام تقع من ثلاثة أوجه: أحدها - تبعية الوالدين.
والثاني - استتباعُ السابي الطفل المسبيّ.
والجهة الثالثةُ - تبعية الدار. ونحن نذكر -إن شاء الله تعالى- في كل قسم ما يليق به.
فأما استتباع الأبوين الولد في الإسلام، فيحصل من وجهين: أحدهما - أن يُفرض إسلامهما أو إسلام أحدهما يوم العلوق، فإذا كانا مسلمين أو كان أحدهما مسلماً، فحصل العلوق، والحالةُ هذه- ثبت للطفل حكم الإسلام على التحقيق، من غير فرض توقفٍ، أو توقع نقضٍ، فينتجز له أحكام الإسلام في صباه.
وإذا بلغ، وأعرب عن نفسه بالكفر، كان مرتداً، لا خلاف فيه.
والسبب في ذلك أن أحد الأبوين إذا كان مسلماً حالة العلوق، فهو جزء من مسلم، فيتحقق له حكم الإسلام، هذا أحد وجهي التبعية.