للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٦٠٩٠ - والقسم الثالث - ما كان من ديار الإسلام تحت قبضة المسلمين، فانجلى عنها المسلمونَ واستولى عليها الكفار، فإن كان لا يساكنهم مسلم أصلاً، فالذي ذهب إليه جمهور الأصحاب أن اللقيط في تلك الدار كافر.

وذهب أبو إسحاق المروزي إلى أنا نحكم للّقيط بالإسلام، من جهة أن مثل هذه البلدة قد لا تخلو عن مسلمٍ، لم يَنْجل فيمن انجلى؛ لإلْف الوطن، وهو يُخفي إسلامه، ولقد كانت الدار منسوبةً إلى الإسلام قبلُ.

وهذا كلام غير منتظم؛ فإنه إذا فرض استيلاء الكفار، والقطعُ بانجلاء جميع المسلمين، فلا يتحقق ما ذكره، والدار بأن كانت. في الزمن الماضي للمسلمين لا تقتضي استتباعاً.

نعم، لو كان يساكنهم مسلمٌ، أو مسلمون، فهذا فيه تردد، يجوز أن يقال: يثبت للقيط حكم الإسلام، ويجوز أن تجري هذه الدار، وقد استولى عليها أهل الحرب مجرى دار الحرب، وسنصف القولَ في دار الحرب الآن، إن شاء الله تعالى.

٦٠٩١ - ومما يتعلق بتمام البيان فيما نحن فيه أن اللقيط الموجود في دار الإسلام لو استلحقه ذميّ، لحقه نسبه؛ فإن الذمي من أهل الدعوة والاستلحاق، ثم إذا لحقه نسب اللقيط، فيحكم له بالإسلام، أو الكفر؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنا نحكم له بالإسلام نظراً إلى الدار، وتغليباً للإسلام.

والثاني - أنا نحكم له بالكفر؛ فإن نسبه ثبت من الذمّي الذي استلحقه، والنسب أولى بالاستتباع من الدار، ولا خلاف أن أولاد أهل الذمة يتبعون أصولهم في الكفر؛ وإذا استلحق الذمي لقيطاً في دار الإسلام، ثم أكد استلحاقه، فأقام بيّنة على نسب اللقيط منه، فلا خلاف أنه يتبعه في الكفر، ولا يتبع الدار في الإسلام، فهذا هو الترتيب المرضي.

٦٠٩٢ - فإذا تمهد ما ذكرناه فيبتني على ذلك غرضنا، ونقول:

إذا ثبت للمولود حكمُ الإسلام بتبعية الدار، فقد اختلف أصحابنا: فمنهم من