للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتوضأ عمر رضي الله عنه من ماء في جَرّ (١) نصرانية.

والقول الضابط في ذلك، أن ما تحققنا نجاستَه، أو طهارته لا يخفى حكمه.

فأما ما يُتردّد فيه؛ فإنه ينقسم ثلاثة أقسام: أحدها - ما يغلب على الظن طهارته؛ فالوجه الأخذ بطهارته. ولو أراد الإنسان أن يطلب يقين الطهارة؛ فلا حرج عليه، بشرط ألاّ ينتهي إلى الوساوس التي تُنكد عيشَه، وتُكَدر عليه وظائف العبادات؛ فإن المنتهي إلى ذلك خارجٌ عن مسالك السلف الصالحين، والوسوسة مصدرها الجهل بمسالك الشريعة، أو نقصانٌ في غريزة العقل.

والقسم الثاني - ما يستوي في نجاسته وطهارته التقديران؛ فيجوز الأخذ (٢ بطهارته ولو انكفَّ المرءُ عنه، كان محتاطاً.

والقسم الثالث - ما يغلب على الظنّ نجاستُه، فللشافعي ٢) فيه قولان: أحدهما -


= أن نقل هذا عن المجد ابن تيمية وابن حجر-: لم أجده. ثم يذكر بعد ذلك حديث عمران بن حصين نفسه، الذي ذكره ابن حجر في (بلوغ المرام) - بطوله، ثم يعقب عليه قائلاً: "فأنت ترى أنه ليس في الحديث توضؤه صلى الله عليه وسلم من مَزَادة المشركة، ولكن فيه استعماله صلى الله عليه وسلم لمزادة المشركة " اهـ قلت: لا أدري ماذا يقصد شيخنا الألباني بأنه صلى الله عليه وسلم لم يتوضأ من مزادة المشركة، ولكنه استعملها؟. ففيم استعملها صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه، وفي الحديث ما نصه: " ... دعا النبي صلى الله عليه وسلم بإِناء ففرغ فيه من أفواه المزادتين ... ونودي في الناس: اسقوا واستقوا ... وأعطى الذي اصابته الجنابة إِناءً من ماء، وقال: اذهب فأفرغه عليك" ففيم استعمل المسافرون في الصحراء هذا الماء؟ أفي غير الشرب والطهارة؟ إِلا إِذا أراد أنه لم يجده بهذا اللفظ. والله أعلم. (ر. سبل السلام: ١/ ٧١، نيل الأوطار: ١/ ٨٧، وإرواء الغليل للألباني: ١/ ٧٢ - ٧٤).
هذا، والمزادة بفتح الميم والزاي، بعدها ألف مدّ، ثم دال مهملة مفتوحة، وهي الراوية، ولا تكون إلا من جلدتين، تقام بثالث بينهما لتتّسع، كما في القاموس.
(١) أي من جرار نصرانية، فالجرّ جمع جرّة. (القاموس) وفي (م) جرة.
ووضوء عمر من جرار النصرانية، رواه الشافعي رضي الله عنه عن سفيان بن عيينة عن زيد بن أسلم عن أبيه: أن عمر بن الخطاب توضأ من ماء نصرانية، في جرة نصرانية (ر. الأم: ١/ ٧) ورواه الدارقُطني: ١/ ٣٢، والبيهقي: ١/ ٣٢، وأورده المجد في المنتقى، وحكم عليه بالصحة، ووافقه الشوكاني (ر. نيل الأوطار: ١/ ٨١).
(٢) ما بين القوسين ساقط من (م).