للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعن عمر بن الخطاب أنه قال: " إذا تحدثتم، فتحدثوا بالفرائض وإذا لهوتم، فالهوا بالرمي " (١).

وكان يجب على المحتضَر في ابتداء الإسلام الوصيةُ للوالدين والأقربين، كما أنبأ عنه قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: ١٨٠] أيْ فرض عليكم إذا حضر أحدَكم علاماتُ الموت إن ترك مالاً، قال الله تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: ٨] معناه لحب المال لبخيل.

واختلفوا في المراد بالأقربين المذكورين مع الوالدين، فذهب بعضهم إلى أن الأولاد يندرجون تحت الأقربين.

وقال قائلون: كانت الوصية تجب للوالدين، ومن عدا الأولاد من الأقربين، وكان الأولاد يأخذون ما يفضل من الوصايا، ويشهد لذلك قوله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا} [النساء: ٩] معناه ليخْش الذين يحضرون المحتضَر من الشهود، ولْينصحوه إذا قصد أن يستغرق المال، ولا يُبقي للأولاد شيئاً، وليتقوا الله في نصيحته، وليقولوا قولاً معروفاً.

ثم هدّد الأوصياء وتوعّدَهم على التبديل، فقال تعالى (٢): {فمن بدله} من الأوصياء {بعد ما سمعه} من الموصي، {فإنما إثمه} ووباله على المبدّلين، فإن الله سميع بما قال الموصي، عليم بما يفعله.

ثم أطلق على الأوصياء التخويفَ إذا علموا من الموصين ميلاً في وصاياهم، فقال عزّ من قائل: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا} [البقرة: ١٨٢]: أي علم منه ميلاً، والخوف يأتي بمعنى العلم، {فلا إثم عليه} هو، في أن يُبدّله، وذلك مثل ألا يُبقي للأولاد شيئاً.


(١) أثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه: رواه البيهقي (٦/ ٢٠٩)، والحاكم (٤/ ٣٣٣) وقال:= صحيح الإسناد ووافقه الذهبي، وأعله الحافظ بالانقطاع. ر. التلخيص: (٣/ ١٨٦ح ١٤٠٩).
(٢) هذا معنى الآية الكريمة [البقرة: ١٨١]، حيث مزج التفسير بالألفاظ الكريمة.