أفرضكم زيد، وزيد منهم وفيهم، لتعين اتباعُ مذهبه (١).
فكذلك يجب هذا في جميع القواعد إذا قال: أفرضكم زيد.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم:" أقضاكم علي، وأعرفكم بالحلال والحرام معاذ "، فالقول في القضايا يتسع، ويتعلق بما لا يسوغ التقليد فيه، وكذلك الحرام والحلال.
وعندنا أن المذهب لا يستقل بهذا القدر؛ فإن زيداً ما انتحل مذهبه إلا عن أصلٍ يجول الرأي فيه، ولهذا خالفه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. والشافعي لم يُخلِ مسألةً عن احتجاج، وإنما اعتصم بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ترجيحاً، وهذا بيّن.
وإذا كان كذلك، فحقٌّ على الناظر أن يتبين مواقع الكلام في كل قاعدة حسبما يفعل ذلك في قواعد الشريعة.
٦١٩٢ - ثم الذي نراه بعد ذلك أن نذكر جُملاً في صدر الفرائض تتنزل منزلة المعاقد والضوابط، يطلع حافظها بها على الأصول، ثم نعود بعد الإيناس بها إلى ترتيب السواد، ونعتمد شرح مذهب زيد، ولا نخلي أصلاً عن ذكر المشاهير من مذاهب الصحابة رضي الله عنهم، ونشُمِّرُ للتلخيص والتقريب جهدنا، ثم نتعدى قليلاً حدود الفقهاء في تمهيد أصول الحساب، وتسهيل طرقها، وتقريب مأخذها، ثم المهارة فيها موكولة إلى الدُّربة.
(١) كذا في جميع النسخ، ويلوح لي أن العبارة في أصلها هكذا: " قال المحققون: قد رفعت واقعة إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيها مذاهب لعلماء صحابته، فقال فيها: " أفرضكم زيد، وزيد منهم وفيهم؛ فتعين اتباع مذهبه " هذا مجرد ظن وتوقع ولم نره في أي مصدر.