للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العصر، حتى يقال: لا يقع الحكم بالإجماع إذا نشأ في العصر مخالفٌ قبل انقراض أهله؟ وقد ذكرنا أن المختار ألا يشترط انقراض أهل العصر (١).

فصل

قال: " وللابنة الو احدة النصف ... إلى آخره " (٢).

٦٢٢٩ - نستفتح الكلامَ في ميراث الأولاد والبنين. ونحن نقول أولاً: انعقد الإجماع على أن الابن الواحد يحوز المال إذا انفرد، وليس لهذا ذكر في الكتاب والسنّة. وقال بعض أصحابنا: الإجماع انعقد عن شرع من قبلنا، وقد نقول (٣): إن شرع من قبلنا شرع لنا، إذا لم يرد في شرعنا ما يخالفه، ووجه التمسّك بشرع من قبلنا أن الله تعالى أخبر عنه، فقال: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النمل: ١٦].

وهذا مدخولٌ من وجهين: أحدهما - أنا نقطع في مسالك الأصول بأنا لا نتمسك بشرع من قبلنا (٤)، والآخر أن قوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النمل: ١٦] كلام مستعار، والمراد به أنه قام مقامه في الملك، والنبوّة، ويشهد له قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ ... } الآيات [النمل: ١٦ وما بعدها].

وتكلف بعض الأصحاب في هذا وجهاً آخر، فقالوا: قد ثبت أن الابن والبنت إذا اجتمعا، فالمال عند اجتماعهما مصروف إليهما على نسبة من التفاضل، فللابن ضعف ما للبنت حالة الاجتماع، فليكن للابن حالة الانفراد


(١) راجع هذه المسألة في كتاب (البرهان في أصول الفقه لإمام الحرمين: فقرة ٦٤٠، ٦٤١).
(٢) ر. المختصر: ٣/ ١٤٠.
(٣) (ت ٢): " وقد تقرر في الأصول أن شرع من قبلنا شرع لنا ". وراجع رأي الإمام في هذه القضية في كتابه (البرهان) الفقرات: ٤١١ - ٤١٦.
(٤) (ت ٢): أنا لا نقطع في مسالك الأصول بأنا نتمسك.