للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أطعم الجدّةَ السدس ". وفي روايةٍ: " ورّث الجدةَ السدس ". فقال له الصديق: ومن يشهد معك؟ فقام محمد بن مسلمة وقال: " أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك "، فورثها السدس (١).

وهذا الاستشهاد جرى من أبي بكرٍ؛ لأنه رأى ذلك أصلاً في الشريعة برأسه، ولم ير له (٢) أصلاً ليقدّر ما كان [يشتور فيه] (٣) فرعه.

وقد روي أن أبا موسى الأشعري أتى بابَ عمرَ، واستأذن، فدخل حَاجبُه

يرفأ، واستأذن له، فلم يأذن لأنه كان مشغولاً بأمرٍ من أمور بيت المالِ، ثم استأذن ثانياً، فدخل (٤)، فلم يأذن له، ثم ثالثاً، فلم يأذن له، فانصرف، فلما فرغ ممّا كان فيه، طلبه، فقيل له: انصرف، فقال: عليَّ به، فرُدَّ عليه فقال: ما الذي حملك على الانصراف، فقال: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الاستئذان ثلاثة، فإن أُذن لك، وإلا، فانصرف " فقال عمر: ائتني بمن يشهد لك، وإلا أوجعتُ ظهرك، فجعل أبو موسى الأشعري يطوف على الأنصار، ويطلب من يشهد له، فقالوا له: لا يشهد لك إلا أصغرنا، وإنما عَنَوْا به أبا سعيدٍ الخدريّ، فجاء إلى عمر، وشهد بذلك، فقال له عمر: " ألا


(١) حديث قَبيصة بن ذؤيب في خبر الجدة مع أبي بكر رواه مالك في الموطأ (٢/ ٥١٣)، وأحمد (٤/ ٢٢٥، ٢٢٦)، وأبو داود: الفرائض، باب في الجدة، ح ٢٨٩٤، والترمذي: الفرائض، باب ما جاء في ميراث الجدة، ح ٢١٠٠، والنسائي في الكبرى: الفرائض، باب ذكر الجدات، ح ٦٣٣٩ - ٦٣٤٥، وابن ماجة: الفرائض، باب ميراث الجدة، ح٢٧٢٤، وابن حبان (٥٩٩٩)، والحاكم (٤/ ٣٣٨)، والبيهقي (٦/ ٢٣٤)، قال الحافظ: وإسناده صحيح لثقة رجاله، إلا أن صورته مرسل، فإن قبيصة لا يصح له سماع من الصديق (ر. التلخيص:٣/ ١٧٨ ح ١٣٩٦، الخلاصة: ٢/ ١٣٢، والإرواء: ٦/ ١٢٤، ح١٦٨٠).
(٢) كذا. والمعنى أنه رأى ميراث الجدة أصلاً قائماً برأسه، ولم يجد له نصاً يعتمده، ولا رآه فرعاً عن أصلٍ فيه نص.
(٣) في الأصل: فمستور منه.
(٤) أي الحاجب. ففي الكلام حذف تقديره: فدخل (الحاجب واستأذن)، فلم يأذن له.