للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى في غلط المتوضىء إجماعَ (١) العلماء.

٦٣ - وأنا أقول: أما سقوط أثر الغلط في التيمم، [فواضح] (٢)؛ فإن التيمم لا يرفع الحدث أصلاً، وإنما أثره في استباحة الصلاة، والأحداثُ ذُكرت أو لم تُذكر باقية لا تزول، فيظهر التحاقُ التيمم في ذكر الحدث بما لا يشترط فيه النية أصلاً. والوضوء يرفع الحدثَ، ففرض الغلط في تعيينه قريب الشبه بالغلط في تعيين أسباب الكفارات.

وسأذكر صورةً بعد ذلك، يتم بذكرها الغرض إن شاء الله تعالى. فهذا ذِكر مسلكٍ واحدٍ في كيفية النية.

٦٤ - فأما الثاني - فهو ألا يتعرّض المتوضىء للحدث في نيته، ولكن ينوي استباحة شيء، فإن نوى استباحة ما يفتقر إلى الوضوء، صح وضوؤه، وارتفع حدثُه، واستباح ما عيّن، وما أضرب عن ذكره. فإذا نوى استباحة الصلاة، ارتفع حدثُه، وزال المانع بالكلية، وكذلك إذا نوى استباحة مس المصحف أو حمله. فأما إذا نوى ما لا يشترط فيه الوضوء، ولكن يستحب كقراءة القرآن عن ظهر القلب، ففي المسألة وجهان: أحدهما - لا يرتفع حدثه (٣)؛ فإنه لم ينو ما يمنع الحدثُ منه.

والثاني - يرتفع؛ فإنه لما ذكر ما أمر فيه بالوضوء، وإن كان [ندبًا] (٤)، فقد تعرض للحدث، فارتفع.

ولو كان محدثاً، فظن أنه متطهر، فتوضأ، ونوى تجديدَ الوضوء، فالتجديد على الجملة مأمور به، ولكن المذهبَ أن حدثه لا يرتفع؛ إذ التجديد مأمور به، لا لأجل


(١) ر. المجموع: ١/ ٣١٤، لترى أنه نقل الإجماع في هذا أيضاً، ولترى بهامشها عن نسخة الأذرعي: أن النووي أخذ هذا من كلام (الإِمام) في أوائل باب نية الوضوء. ثم استدرك على النووي بكلام الإِمام، والذي نريده الآن هو إِثبات أن إِمام الحرمين هو المعني بقولهم (الإِمام) مطلقاًً. كما ذكرنا في ترجمته.
(٢) يكاد إِمامنا أن يُسقط الفاء في جواب (أما) دائماً. وهي لغة كوفية، وعليها جرت نسخة الأصل، والمثبت من (م)، (ل).
(٣) وهو الأصح (الروضة: ١/ ٤٨).
(٤) في الأصل: نذراً. والمثبت من (م)، (ل).