للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى شيخُنا عن القفال: أن صاحب الضرورة لو نوى استباحة الصلاة مقتصراً على ذلك، لم يصح، ولا بد من الجمع بين نية الاستباحة، وبين نية رفع الحدث؛ لينصرف رفعُ الحدث إلى ما تقدم، وينصرف استباحة الصلاة إلى ما يقارِن، أو يتجدّد بعد الوضوء، وهذا غلط، لا يستراب فيه؛ فإن نية الاستباحة تليق بالمتيمّم، وصاحب الضرورة، وهي أيضاً [تُفِيدُ] (١) رفع الحدث؛ فإن صاحب الرفاهية لو نوى بوضوئه استباحةَ الصلاة، ارتفع حدثُه؛ فنيّة استباحة الصلاة في حق صاحب الضرورة تُغني عن الرفع، وعن إفادة إباحة الصلاة.

والصيدلاني لم يحك هذا عن القفال أصلاً، بل حكى القطعَ بأن نية الاستباحة في حق صاحب الضرورة كافيةٌ.

ولست أستريب في نقل شيخنا (٢) عن القفال شرطَ الجمع بين نية الرفع والاستباحة، ولكنّه خطأ لا شكّ فيه. على أني أقول: لا ينبغي أن نعتقد أن طهارة المستحاضة تؤثر في رفع الحدث أصلاً؛ إذ الطهارة إنما ترفع الحدث إذا تمت، وكيف يُفرض تمامها، والحدث مقارن لها؟

فهذا منتهى القول في كيفيّة النية.

٦٩ - [ووراء] (٣) جميع ما ذكرناه غَائلةٌ لا يقف على سرّ المذهب من لم يتنبّه لها.

فأقول: ظاهر ما ذكره الأئمة أن النية في الوضوء من نية القربات، والشافعي أوجب النيةَ في الوضوء، من حيث أثبت أنّ الوضوءَ قُربةٌ، فعلى هذا إذا نَوى رفعَ


(١) في الأصل: تقيّد. بهذا الضبط والوضوح، وهو تصحيف ظاهر. والمثبت من (م)، (ل).
(٢) شيخنا المراد به هنا والده، فهو تلميذ القفال، وأما القفال فهو القفال (الصغير) المروزي أبو بكر عبد الله بن أحمد، وهو المراد عند الإِطلاق. هذا. والوجه المحكي عن القفال هنا حكاه النووي في المجموع: ١/ ٣٣٢ عن أبي بكر الفارسي، والخضري، وأبي بكر القفال جميعاًً، وحكاه الرافعي: ١/ ٣٣٣ عن أبي بكر الفارسي والخضري، وحكاه الغزالي في الوسيط: ١/ ٣٦٥ عن الخضري، أما الحاكي هنا (شيخنا)، فلم يذكره أي منهم.
(٣) غير مقروءة بالأصل، وقدرناها في ضوء السياق، وما بقي من آثار الحروف، وقد أكدت (م) صحة تقديرنا، والحمد لله على توفيقه، وكذا (ل) أيضاًً.