للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكل ما يحصل من غير نيّة، فالقصد فيه لاغٍ، لا يُناط به حكم.

ولو دخل الإنسان المسجدَ، وتحرّم بالصلاة، ونوى به فريضةَ الظهر وتحيّةَ المسجد، فتتأدى الفريضة، وتحصُل التحيةُ، وليس ذلك تشريكاً؛ فإن التحية كانت تحصل، وإن لم ينوها؛ إذ لا غرض من التحية إلا ألا يجلس مَن دخل المسجد حتى يصلي. ولو نوى المتحرم بالصلاة الفريضةَ والسنة، لم تنعقد صلاته؛ فإنَّ التشريك يمنع العقد. ولو قصد المسبوق بالتكبيرة التي يبتدىء بها العقدَ وتكبيرة الهُويّ، لم تنعقد صلاتُه.

ولو نوى المغتسل يوم الجمعة -وكان قد أجنب- (١) بغسله غسلَ الجنابة والجمعة، حصل الغرضان، ولو نوى غسلَ الجنابة فحسب، ففي حصول سنة غسل الجمعة قولان، سيأتي ذكرهما.

قال الشيخ أبو علي (٢) في شرح التلخيص: "من أصحابنا من قال: من نوى بغُسله غسلَ الجنابة والجمعة، لم يصح غسلُه أصلاً؛ للتشريك، وكان ذلك كما لو نوى


(١) في (م): وكان قد أجنب فنوى.
(٢) الشيخ أبو علي المراد هنا، هو الشيخ أبو علي السِّنجي: الحسين بن شعيب بن محمد، من قرية سنج أكبر قرى مرو. عالم خراسان، فقيه عصره، وأول من جمع بين طريقتي العراقيين والخراسانيين، تفقه على شيخ العراقيين أبي حامد الإِسفراييني ببغداد، وعلى شيخ الخراسانيين، أبي بكر القفال المروزي، وله غير شرح التلخيص، شرح المختصر، وشرح فروع ابن الحداد، توفي ٤٣٠ هـ. وقبره بجنب أستاذه القفال بمرو.
وكتاب (التلخيص) المشار إليه من عمل ابن القاصّ: أحمد بن أبي أحمد الطبري، أبو العباس، له غير التلخيص (المفتاح) و (أدب القاضي) و (المواقيت) وغيرها، كان إِماماً جليلاً، تفقه على أبي العباس ابن سريج توفي ٣٣٥ هـ.
وقد شرح التلخيص أكثر من شارح، منهم القفال المروزي عبد الله بن أحمد. والذي جعلنا نرجح أن شارح التلخيص المقصود هنا هو أبي علي السِّنجي أن السِّنجي هو الذي يلقب بالشيخ، حتى عرف بهذا اللقب وشاع عنه، قال السبكي في الطبقات: "فمن مستحسن الكلام الشيخ والقاضي زينة خراسان. والشيخ والقاضي زينة العراق، وهم الشيخ أبو علي السنجي والقاضي الحسين، والشيخ أبو حامد، والقاضي أبو الطيب" (راجع طبقات السبكي: ٣/ ٥٩ وما بعدها، ٤/ ٣٤٤، تهذيب الأسماء واللغات: ٢/ ٢٥٣، ٢٦١، طبقات الشافعية للإسنوي: ٢/ ٢٩٧، ٢٩٨).