للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما [قدمنا]، (١) من طلب اليقين في المواريث، فإن ذاك حيث لا نجد مستنداً شرعياً، كما ذكرناه في ميراث الخناثى، حيث لم تُعيَّن ذكورة ولا أنوثة. وكيف ننكر البناء على الشرع مع ظهور الظن، والأصلُ في الأنساب الإمكانُ والاحتمال، فخرج مما ذكرناه أنا وإن أطلقنا اشتراط وجود الحمل، فمعناه ما وصفناه.

٦٥٢٧ - فأما اشتراط الحياة حالة الانفصال، فمتفق عليه، فلو انفصل الحمل الذي كنا نتوقعه ميتاً، لم نورِّثه، وفاقاً. وإذا انفصل حياً، تبيَّنا أنه ورث، ولم نذهب إلى مسالك الظنون في تقدير انسلاك (٢) الروح بعد الموت (٣). ولكل حكمٍ في الشرع موقفٌ ومنتهى، لا سبيل إلى مجاوزته.

ثم إن صرخ الجنين واستهل، فهو حي، وكذلك إن طرف، وفتح عينه وتثاوب (٤)، أو امتص الثديَ، فكل ذلك علامات الحياة.

وفي العلماء من يأبى الحكمَ بالحياة إن لم يصرخ الصبيُّ، حتى لو انفصل، وطرف، ومات، لم نورثه، ويُعزى هذا إلى ابن عباس وطائفةٍ من الصحابة، رضي الله عنهم. ولم يُصحح الأئمةُ النقلَ في ذلك.

وليس ما ذكرناه من العلامات الظنيّة؛ فإنا على اضطرارٍ نعلم أن الصبي إذا صدر منه ما ذكرناه، فهو حيٌّ، وليس هذا مما ينساغُ الخلاف فيه، ولا يجري مجرى علامات الذكورة والأنوثة في الخناثى. نعم، اختلف قول الشافعي فيه إذا انفصل واختلج، فهل يكون مجرد الحركة والاختلاج دالاًّ على الحياة، حتى نحكم بها، ونقضي بثبوت الإرث، وغيرِه من الأحكام المشروطة بالحياة، فقال


(١) في الأصل: مهدناه.
(٢) في (ت ٣): انسلال.
(٣) " بعد الموت ": المراد موت المورّث.
(٤) تثاوب: تثاءب. قال في المصباح: " تثاوب عامّي ".