ووصية بمقدارٍ مقدر من غير ذكر جزئية منسوبة إلى المال، مثل الوصية بالألف، والألفين، ونحوهما. وهذا القسم يسمى الوصايا المرسلة.
ثم يلتحق بكل قسم من هذه الأقسام ألفاظ مبهمة تؤول إلى مقصود القسم، وهذا بمثابة الوصية بمثل نصيب الابن؛ فإنها ترجع إلى الوصية بجزء، كما سيأتي بيان ذلك.
٦٥٨٦ - والوصايا في الأقسام الثلاثة متساوية في اعتبارها من الثلث، فإن زادت على الثلث، وللموصي ورثة متعينون مختصون، فردُّوا الزيادة على الثلث، ارتدت.
وإن أجازوها، فقد اختلف قول الشافعي في الوصية بالزائد على الثلث؛ فقال في قولٍ: الوصية باطلة، لا سبيل إلى تنفيذها. فإن أرادوا (١) الورثة تحقيقَ قصد الموصي، احتاجوا إلى ابتداء هبة على شرطها، ولا يكون ما يبتدئونه محمولاً على الوصية، ولا مبنياً عليها، وسبيل الوارث فيه كسبيله لو ابتدأ هبةً من غير تقديم وصية.
والقول الثاني - أن الوصية بالزائد على الثلث منعقدة على الصحة، ولكن لزومها ونفوذها موقوف على رضا الورثة، فإن أجازوها، نفذت، ولزمت. وإن ردوها، ارتدت بعد الانعقاد.
وهذان القولان على هذا النظم ليسا منصوصين للشافعي، ولكنه أجرى القولين في الأحكام المتفرعة، فتحصل منها على القطع ترديد القول، على حسب ما ذكرناه.
التوجيه: من قال بانعقاد الوصية، قال: إنه تصرف في ملكه، فيجب انعقاد تصرفه، غيرَ أن حق الغير متعلق به، فوقف النفوذ على رضاه.
ومن قال بعدم انعقاد الوصية قال: تعلُّقُ حق الغير يمنع انعقادها، كما منع تصرُّفَ الراهن في المرهون.
٦٥٨٧ - التفريع على القولين: إن قلنا: إجازة الورثة تنفيذ وصية الموصي، فلا حاجة في الإلزام إلى إقباض الوارث؛ فإن ثبوت الملك في الوصية لا يستدعي القبض.
(١) كذا، وهي على اللغة المعروفة " أكلوني البراغيث ".