للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخف في حق الماسح، وهذا إنما تخيله من حيث إنه حسب الأصل في محل المسح بشرةَ الرأس، فقدّر الشعر بدلاً عنها، وهذا بعيدٌ جداً، وهو غيرُ محسوب من المذهب. ولو قَلَّم المتوضىء أظفاره، فقد بدا بالقَئم من الظُّفر ما كان [مستترا] (١) بالجَلْق (٢)، فلا يجب إيصال الماء إلى البادي عن الظفر، وابن خيران فيما أظن لا يخالف في ذلك، وإنما بنى ظنّه في حلق الشعر على ما ذكرته من اعتقاده أن الأصل بشرة الرأس، ومثل هذا لا يتحقق في الظُّفر.

فهذا منتهى ما أردنا في ذكر المفروض من المسح.

١٠٠ - فأمّا الأكمل، فاستيعاب الرأس بالمسح سنة، وقد فرضه مالك (٣). ثم التكرار في مسح الرأس مستحب عن الشافعي بمياهٍ جديدة. فإن أراد أن يستوعب الرأس [بلل يديه وألصق] (٤) أطراف الأصابع بأطراف الأصابع، وبدأ بمقدمة رأسه ومرّ


= (جرير) على الإِمام بابن (خيران)، وخطورة هذا التصحيف هنا لا تتعلق بنسبة قول إِلى غير صاحبه فحسب، (على ما في ذلك) بل بتقرير المذهب، وتكوينه، ونسبة ما ليس منه إِليه، قال النووي: " وحكي عن مجاهد والحكم، وحماد وعبد العزيز من أصحاب مالك، ومحمد بن جرير الطبري: أنهم أوجبوا طهارة ذلك العضو، ووقع في النهاية والوسيط، في هذه المسألة غلط، فقالا: لا يلزمه غسل ذلك خلافاً لابن خَيْران، فيقتضي هذا أن يكون وجهاً في المذهب، فإن أبا علي بن خيران، من كبار أصحابنا أصحاب الوجوه، ومتقدميهم في العصر والمرتبة، ولكن هذا غلط وتصحيف، وقد اتفق المتأخرون على أن هذا غلط، وتصحيف، وأن صوابه: "خلافاً لابن جرير" بالجيم، وهو إِمام مستقل، لا يعدّ قوله وجهاً في مذهبنا، وقد نقله أصحابنا العراقيون، والخراسانيون أجمعون، والغزالي أيضاًً في البسيط عن ابن جرير. والله أعلم (المجموع: ١/ ٣٩٣، والتنقيح: ١/ ٢٧٠، ومشكل الوسيط بهامش الوسيط: ١/ ٢٧٠).
(١) مطموسة بالأصل وقدرناها على ضوء السياق، وما بقي من أطراف الحروف، وصدقتنا (م)، (ل).
(٢) الجلْق: من جَلَقَ الشيء يجلقِه كَشَفَه، وجلق رأسه حلقه (المعجم) وفي (م) مستتراً بالمقلوم، وكذا في (ل).
(٣) ر. الإشراف للقاضي عبد الوهاب: ١/ ١١٩ مسألة: ٣٦، حاشية العدوي على شرح أبي الحسن لرسالة ابن أبي زيد: ١/ ١٦٩، حاشية الدسوقي: ١/ ٨٨، جواهر الإِكليل: ١/ ١٤.
(٤) في الأصل: بللُ يديه، ألصق ... ، والمثبت من (ل) وفي (م): ثم ألصق ...