للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنقص بذلك أنصباء البنين، كما أخرجه الحُسَّاب، فصار كل نصيب غيرَ مستغرِقٍ للثلث، فانتظم منه الوصيةُ بالتكملة. هذا وجه تعديل المسألة على طريقة الحساب.

وفي النفس بعدُ شيءٌ من طريق الفقه، سأنبِّه عليه بعد ذكر شيءٍ.

فأقول: كان له ثلاثةُ بنين وأوصى لإنسان بتكملة ثلث ماله بنصيب، فهذه الوصية باطلة؛ فإنّ نصيب كلَِّ ابنٍ في هذه الصورة مستغرِقٌ للثلث، فلا معنى للوصية بتكملة الثلث. فطريق الجَبر إذا استعملناها على مراسمها، أعربت عن استحالة المسألة.

فنستعملها، ونقول: ثلث المال نصرفه إلى الموصى له بالتكملة، ونستردّ منه نصيباً، فيبقى معنا نصيبٌ وثلثا مال (١)، في مقابلة ثلاثة أنصباء لثلاثة بنين، فنقابل نصيباً بنصيب، فيبقى [ثلثا] (٢) المال، وهو سهمان، فنصرفهما إلى ابنين، وقد بان أن النصيب واحدٌ، وثلث المال واحد.

فإذا سلمنا ثلث المال وهو واحد إلى الموصى له بالتكملة واسترددنا منه نصيباً وهو واحد، لم يبق بيده شيء، وبان أن الوصية لم تصادف محلاً.

فإذا وضح ذلك أولاً ببديهة [العقل] (٣) فقهاً، وبان بطريق الحساب أيضاً، فنعود إلى المسألة الأولى، ونقول: فيها وصيةُ تكملة، ووصيةٌ بثلث ما تبقى من الثلث بعد التكملة، فالظاهر أن نقول: الوصية بالتكملة باطلة لما بيناه، وإذا بطلت الوصية بالتكملة، بطلت الوصية بما تبقى بعدها؛ فإن الوصية بما تبقى تُفرَّع على صحة الوصية الأولى وتقديرها، هذا وجهٌ ظاهر في إبطال الوصيتين.

ووجه ما ذكره الحُسَّاب أن هذه الوصية إن كان في صيغتها وصية بتكملة، فمعناها: أوصيت لك بمقدارٍ إذا اعتبر معه تنقيص النصيب بالوصية الثانية، لكانت تكملةً منتظمة. ويجب أن نطرد في هذه المسألة مسلكين ووجهين، ثم نُخرّجهما في أمثال هذه المسألة، ونخرّجهما على أن العبارة إذا فسدت، فأمكن تصحيح المعنى


(١) عبارة الأصل: " فيبقى معنا نصيب، وثلثا مال، (نصرفه إلى الموصى له بالتكملة)، في مقابلة ثلاثة أنصباء ... " فالعبارة بين القوسين مقحمة. كما ترى.
(٢) في الأصل: ثلث.
(٣) في الأصل: العقد.