للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٦٨٠٩ - واختلف قول الشافعي رضي الله عنه في أصلٍ، نشير إليه، ونستقصيه في موضعه، إن شاء الله تعالى، وهو أن من أوصى بثلثٍ من دارٍ، ولم يقل: أوصيت بالثلث الذي لي منها، وكان لا يملك من الدار إلا ثلثَها، فهل تنزل الوصية على جميع ثلثِه، أم تُقدّر مضافةً إلى الثلث الشائع مما يملك ومما لا يملك؟ حتى لا تصح الوصية إلا في ثلث الثلث؛ فإن له من كل ثلث من الدار ثلثاً.

هذا فيه اختلافُ قولٍ.

وقد ذكرنا ترددَ الأصحاب في [مثله] (١) لو عَرَضَ في البيع، فمن يرى تنزيل الوصية على الثلث المملوك، يعتمد ما مهدناه من حمل الوصية على الصحة إذا ترددت بين جهة الصحة، وبين الفساد.

ومن أشاع الثلث، تمسك بموجب اللفظ، واكتفى باكتفاء الوصية بالثلث؛ فإنها تصح في ذلك الجزء ولا تبطل رأساً.

هذا قولنا في أصل الوصية، وهو أحد الأمرين اللذين رأينا إجراءهما في الذكر في فصول هذه المقالة؛ حتى لا [يبتدر] (٢) الناظر إلى إبطال الوصية إذا عنّت له مسألة مردّدةٌ بين الصحة والفساد.

٦٨١٠ - والأصل الثاني: إذا جرى في لفظ الموصي (٣) لفظ يتردد بين القليل والكثير، فهو محمول عند الشافعي رضي الله عنه على الأقل، ومن أصله في ذلك، تركُ المبالاة بما يُجريه الفقهاء من ألفاظهم، ولا يحمل عليه الألفاظَ المطلقةَ في الوصايا.

٦٨١١ - وبيان ذلك أن الوصية بالسهم المطلق لا تحمل على سهمٍ من سهام فريضة ميراث الموصي، وإن ساغ هذا اللفظ في تفاوض الفقهاء.


(١) في الأصل: في مثل.
(٢) في الأصل: يتبدل.
(٣) في الأصل: الموصى له.