للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وينقسم القول، وراء ذلك إلى المجذور والأصم.

فإن قال قائل: هلا حملتم ذلك على تجزئة المال قدراً؛ إذ لا شيء إلا ويمكن تقدير تجزئته على وجوه مفروضة، فلكل شيء مما يكون مالاً -وهو مقصودنا- ثلثٌ وربعٌ وخمسٌ، وجزء من مائة جزء، وجزء من ألف جزء إلى غير نهاية، وقد يقسم الفَرَضي في البطون المتناسخة جوهرةً على ألف ألف سهم أو أكثر، وإذا أمكن ذلك، فهلا حُملت الوصية المطلقة على هذا القبيل؟.

ثم الأمر في هذا الفن يختلف، فإن نزلنا ما خلّفه على أربعة، فجذرها اثنان، فتقع الوصية بالنصف، وإن جزَّأناها تسعة أجزاء، فجذرها ثلثها، وإن جزأناها ستة عشر جزءاً، فجذرها رُبعها، وإن قدرناها مائة جزءٍاً، فجذرها عشرها، وهكذا إلى غير نهاية في جهة الصعود والترقي؟ قلنا: هذا التقدير بعيدٌ، لسنا نرى حملَ الوصية عليه إذا كانت مطلقةً، إلا أن يصرح الموصي به على الإبهام؛ فإذ ذاك نحمل الوصية عليه، فأما إذا لم يتعرض له، وأطلق المال وجذرَه فتحريره الجوهرة (١)، ولا حاصل لها، وما يذكر من جذر الأجزاء جذرُ عدد مفروض، وليس جذرَ المال المطلق، وليس العددُ المذكور في تجزئة الجوهرة مخصوصاً بها.

فهذا ما أراه؛ فإن قوله جذر مالي يشعر باختصاصه بماله، وتخصيص الأجزاء جارٍ في كل شيء، وإنّ فرض التجزئة يعم القليل والكثير، والأجناس كلَّها. وإذا بعُد التقدير لم يجز التفسير به.

وهذا يضاهي من قواعد الإقرار ما لو قال: عليّ شيء، ثم [قال] (٢): أردت به أن له علي جوابُ تسليمه (٣)، فهذا غير مقبول.

٦٨١٨ - ومما يتعلق بذلك أن فريضة الموصي لو كانت تقسم من عدد، وكان لذلك العدد جذرٌ منطقٌ، أو أصم، فإذا قال الموصي: أوصيت لفلان بجذر مالي، وماله


(١) كذا. ولعل المعنى: فتفسيره والعمل فيه كالعمل في قسمة الجوهرة.
(٢) زيادة من المحقق.
(٣) المراد، جواب قوله: السلام عليكم.