للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكن لمن لا دين عليه أن يستبدَّ بالعشرة التي هي عينٌ على تقدير أخْذ الخمسة بالميراث، والخمسة الأخرى قصاصاً عما يستحقه من الدين.

فإن وقع تراضٍ، فلا بد من إنشاء عقدٍ وارد على ما يوجب الشرع.

وإن كان من عليه الدين مُعسراً، أو أنكر الدينَ، فأردنا ثبات الحكم باطناً، فالذي لا دين عليه يستحق نصف العين إرثاً، وله خمسةُ دراهمَ في ذمة أخيه، وقد عسر عليه استيفاؤه منه، إما بإعساره وإما بإنكاره ولا بينةَ، ومن ظفر بجنس حقِّه من مالِ مَنْ عليه الحقُّ، فله أن يأخذه عند تحقق العذر، ولا يملكه ما لم يأخذه على قصد التملك.

هذا بيان هذا الأصل، وهو من جليات الفقه، ولفظ الأستاذ فيه بعدٌ عن المسلك الذي يعرفه الفقهاء؛ فإنه قال: يأخذ من لا دين عليه العينَ، في الصورة التي ذكرناها إرثاً وقصاصاً، فسمى أخذه الخمسةَ قصاصاً، ثم رمز إلى خلاف الأصحاب في أن التقاصّ كيف يقع، وهذا بعيدٌ؛ فإن الأقوال المعروفة في التقاصّ إنما تقع في الدينين، على ما سنشرحها، ولا يجري التقاصّ بين الدين والعين، ثم فحوى كلامه مصرحةٌ بوقوع ما سماه قصاصاً من غير فرق بين أن يكون مَن عليه الدين مفلساً، أو يكون مليئاً وفيّاً، وهذا لا سبيل عليه، ولا يسوغ أن يعتقد ذلك من مذهب الشافعي.

ومن بديع ما جاء به محكيّاً عن ابن سريج أنه قال: إذا كان على الابن الذي عليه الدين دينٌ: عشرةٌ لأجنبي، وعليه عشرةٌ للمتوفى، ومعلوم أن الذي عليه الدين يستحق من العشرة التي هي عينٌ نصفَها وهو خمسة، فحكى عن ابن سريج وجهين: أحدهما - أن الابن الذي لا دين عليه أولى بتلك الخمسة، حتى كأن هذا القائل يعتقد أن [حق] (١) من عليه الدين في العين لا أصل له، ولا ثبات. هذا [وجه حكاه كذلك] (٢).

والوجه الثاني - أن تلك الخمسة بين الابن الذي لا دين عليه وبين الأجنبي الذي


(١) زيادة من المحقق.
(٢) عبارة الأصل: هذا وجهاً حكاه لذلك.