للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الأستاذ: هذا كلامٌ معتدل مستقيم على الفتوى والحساب.

وأما ابن سريج، فإنه فرع على إشاعة الوصية، وقضى بأن كلَّ ما يحصل من الدين، فليس للموصى له بجزء من الدين إلا جزءاً مما حضر على قدره، حتى إذا كان الموصى به ثلث الدين، والحاضر خمسةَ عشرَ، فللموصى له بجزءٍ من الدين ثلثُ ما حضر وهو خمسة، فينطبق هذا الجواب على مذهب أبي ثور، ويكون سديداً.

وإن فرع ابن سريج على أن الوصية بكمالها تنحصر فيما يحصل ويحضر، فموجب هذا أن يستوفي الموصى له بجزءٍ من الدين تمامَ العشرة مما حصل من الدين، ولكن لو استوفى ذلك، وقد استوفى الموصى له بثلث العين العشرة، فتزيد الوصيتان على ثلث المال الحاصل؛ فإنه تبقَّى في يد الورثة خمسةٌ وعشرون، والوصية نافذةٌ في عشرين، وهذا خطأٌ لا سبيل إليه. وإنما تنفذ الوصية في عشرين إذا كان في يد الورثة أربعون؛ فإنه امتنع هذا على وجه الحصر، فصاحب الوصية بجزء من الدين يقول (١): ثبت حقي في عشرة على قول الحصر، ولكن امتنع عليّ أخذُها لضيق الثلث، فأنا أضارب بعشرة، وأنت [يا صاحب] (٢) الوصية بالعين ضارب بعشرة، وهذا القياس يقتضي أن يكون الثلث بيننا نصفين، وثلث المال الحاصل خمسة عشر، ونصفها سبعة ونصف.

قال الأستاذ هاهنا: أما العشرة، فقد فاز بها صاحب الوصية بالعين، فقياس [مذهبه] (٣) على ذلك أن ندفع إلى الموصى له بجزءٍ من الدين سبعةً ونصفاً؛ إذ التفريع على وجه الحصر، فيكون المجموع سبعةَ عشرَ درهماً ونصفاً، وليس في يد الورثة ضعفٌ.

قال: وبهذا تبين أن الصحيح ما ذكره أبو ثور؛ فإن مسلك ابن سريج أدى تفريعه إلى هذا الفساد.


(١) عبارة الأصل: يكون يقول.
(٢) في الأصل: ناصب.
(٣) في الأصل: مذهب.