١٣٦ - ومما يتعلّق بالاستنجاء كيفيّة استعمال الأحجار. وفيه فصلان. أحدهما - في كيفية إعمال الحجر، فينبغي أن يوضع الحجر بالقرب من النجاسة، ثم يجري ملصقاً بالجلد حتى ينتهي إلى النجاسة، ولو وضع على النجاسة، فإنه يخلّف شيئاًً وينقله، ثم إذا انتهى الحجر إلى النجاسة، فلو أجراه على هيئة الإدارة، وكان يبغي أن يلقى كل جزءٍ طاهرٍ من الحجر أجزاء من النجاسة، فهذا إن فعله غيرُ ممتنعٍ.
واختلف أصحابنا في أنّه هل يجب ذلك؟ فقال بعضهم: يجب، لما ذكرناه؛ فإنه لو أمرّ الحجرَ من غير إدارةٍ؛ فإنه يلقى الجزءَ الثاني من النجاسة، بما قد تنجّس من الحجر.
وهذا غيرُ سديدٍ؛ فإنّا إنّما منعنا استعمال الروث؛ لأنه يُلحق بالمحل نجاسة أجنبيّة، والحجر في الصورة التي فيها الكلام إن تنجس، [فإنما تنجس بنجاسة البلوى، فلا تثبت](١) نجاسة أجنبية، فلئن كان يوجه هذا الوجه، فالسبيل فيه أن من أمرّ الحجر من غير إدارة، فإنه ينقل النجاسة لا محالة، وإن كان يديره، فيخطف النجاسة، ولا ينقلها. وقال بعض الأئمة: لا يجب ذلك؛ فإن هذا تخفيفٌ لا يُوازنه في المساهلة رخصةٌ كما تقدّم، فلا يليق بوضعه تكليف الإدارة، وربط الأمر بكيفيةٍ لا يستقل بها إلاّ رجل صَنَاعُ اليد.
وسرّ هذا الفصل يتضح بأمرٍ، وهو أن المقتصر على الأحجار لو كُلّف ألاّ ينقل النجاسةَ في محاولة رفعها أصلاً، لكان ذلك تكليفَ أمرٍ يتعذّر الوفاء به، وذلك لا يليق بالفرائض التي ليست برُخص، فكيف يليق بما مبناه على نهاية التخفيف؟ فالقدر الذي يعسر -مع رعاية الاحتياط- التَصوّنُ منه في النقل، يجب أن يُعفى عنه، وهو بمثابة إلقاءِ الجَبيرة على محل الخلع؛ فإنه لا بدّ من أخذ أطرافٍ من المواضع الصحيحة، حتى تستمسك الجبيرة؛ فإذاً ما ذكره الأصحاب من النقل ومنعه عَنَوْا به ما لا ضرورة إليه، وهذا الذي ذكرته في النقل لم أره منصوصاً عليه للأصحاب، ولكن لا بدّ منه. فهذا أحد الفصلين.