للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٥٨ - فأمّا فرج البهيمة فبعيدٌ جدّاً، فلا جرم نص في الجديد على أنه لا يتعلق بمسّه نقض الوضوء، وحكى يونس بنُ عبد الأعلى (١) قولاً عن الشافعي: أنه يتعلق به النقض، كما يتعلق بالإيلاج فيه وجوب الغُسل، فلنفهم هذا التدريج في عقد المذهب.

ثم نستوعب أطراف الكلام في هذا القسم، فنقول:

١٥٩ - من مسّ فرج غيره، انتقض وضوؤه سواء كان الممسوس منه صغيراً أو كبيراً، أو حيّاً أو ميتاً.

وكان شيخي يقول: لما قطع الأئمة بانتقاض الوضوء بمس فرج الصغير، وإن كان ابنَ يومهِ، فهمت منه تحريم النظر إليه من غير حاجةٍ، ورأيت أن أحمل ما روي عن النبي عليه السلام: " أنه كان يُقبّل زبيبة الحسن والحسين " (٢) على جريان ذلك وراء ثوبٍ، وقد رأيت في كلام الأصحاب ما يشير إلى التساهل في المسّ، والنظر إلى فرج الصغير الذي لم يبلغ مبلغ التمييز، مع القطع بانتقاض الوضوءِ بالمس.

وقد ذكر الشيخ أبو علي (٣) في شرح التلخيص أن من جبّ ذكره، فموضع القطع من


(١) يونس بن عبد الأعلى بن موسى بن ميسرة بن حفص بن حيان الصَّدَفي: أبو موسى.
المصري. من أصحاب الشافعي، وأحد أئمة الحديث، قال عنه الشافعي: ما رأيت بمصر أعقل من يونس بن عبد الأعلى. انتهت إِليه رياسة العلم بالديار المصرية، ولد سنة ١٧٠ هـ، وتوفي سنة ٢٦٤ هـ (طبقات السبكي: ٢/ ١٧٠، وطبقات الفقهاء: ٩٩، والأنساب للسمعاني في (الصَّدفي) وشذرات الذهب: ٢/ ١٤٩، وتذكرة الحفاظ: ٢/ ٥٢٧، ووفيات الأعيان: ٧/ ٢٤٩، وطبقات الإِسنوي: ١/ ٣٣).
(٢) حديث تقبيل زبيبة الحسن والحسين، رواه البيهقي، والطبراني في الكبير، وقال البيهقي: إِسناده ليس بالقوي. وليس فيه أنه مسه بيده، ثم صلى ولم يتوضأ، وليس في حديث الطبراني أيضاً أنه صلى ولم يتوضأ، وأنكر ابن الصلاح هذا الحديث على الغزالي، قال الحافظ: والغزالي تبع الإِمام في النهاية فيه، ثم قال: وقال الإِمام في النهاية: هو محمول على أن ذلك من وراء ثوب، وتبعه الغزالي في الوسيط، قلت (الحافظ): وسياق البيهقي يأبى هذا التأويل؛ فإن فيه أنه رفع القميص. (ر. التلخيص: ١/ ١٢٧ ح ١٦٩، السنن الكبرى: ١/ ١٣٧، الطبراني في الكبير: ٣/ ٥١ ح ٢٦٥٨).
(٣) الشيخ أبو علي = السّنجي.