للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استصحب الغُسلَ السابق، ولم يلتزم الغسلَ إلا بيقين.

وكان يُجري هذا على الأصل المقدَّم في أن من استيقن الوضوءَ وشكّ في الحدث؛ استصحب الطهر السابق.

وهذا لا يشفي الغليلَ؛ فإنه صحّ في الأخبار والآثار تمييز المنيّ بصفاته عن سائر الخارجات. فلئن كان الشاك في الحدث لا يجد علامة يستمسك بها، فالعلامات هاهنا ثابتة، وكشف الغطاء في هذا أن الخروج بالشهوة، مع استعقاب الفتور دلالة قاطعة على أن الخارج منيّ، وليس هذا مما يتضمن غلبة ظن. وكذلك الرائحة التي تشبه رائحة الطلع والعجين من القواطع. وكذلك الخروج بدفقٍ ودفعٍ، وتزريق، من خصائص المنيّ، لا تثبت لغيره.

فأما البياض والثخن (١) فمما يشترك فيه المنيّ والودي، وقد يرق المني ويصفرّ، ويشبه لونه لون المذي، وهو ماء لزج، يميل إلى الصفرة قليلاً.

فإن كان في الخارج صفةٌ واحدة من الصفات الثلاث المقدَّمة، فليس هذا موضع اجتهاد وظنٍّ، بل نعلم أن الخارجَ مني.

أما الرائحة والفتور صفتان معلومتان، وأما الدفقُ، فلا يكفي فيه الخروج بدفع، فإن من به [أَدَرٌ] (٢) يخرج بوله قطراً، ويقع بين القطرة والقطرة فترة، والتعويل على التزريق، وذلك لا يكون إلا مع انتشارٍ وشهوة، ثم لا بد من جريان الفتور، فليس من الممكن أن يزرِّق إلا منتشرٌ، ثم لا ينزل المني إلاّ مع نفسي (٣) الأرواح، وذاك يقتضي


(١) المنصوص في المعاجم مصدراً لثَخُن: ثخونة وثخانة، ولكن غلب على إِمام الحرمين استعمال: فَعَل بتحريك العين مكان فعولة، وفعول في مصدر الثلاثي، فيقول مثلاً: إِن تيقنا صَدَرَ هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، بدلاً من صدور، و" حَدَث العالم " بدلاً من حدوث.
(٢) أدر يأدَر: أدَراً وأدَرة وأُدْرة، إذا انتفخت خصيته، لتسرب سائل في غلافها، وهي غير واضحة بالأصل، وفي (م): إِدرارٌ، وعبارة (ل): إِدرار بولٍ يخرج بوله قطعاًً.
(٣) كذا تماماً. وفي (م): نغس. بالغين، وليس في المعاجم مادة: ن غ س، وفي (ل): تفشِّي، وهي من ألفاظ الطب والعلاج التي كانت شائعة في ذلك الوقت كما يظهر من السياق، ولكنها غير واضحة لنا (انظر العبارة مصورة من المخطوطات، في آخر هذا المجلد، أملاً بأن =