للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنها تستعمل مستثنىً، إذا كان الباقي أكثرَ من النصف.

وهذا لم أره لأئمة المذهب في كتبهم، ولم أسمعه ممن تلقيتُ منه، والذي يقتضيه المذهب عندي على قطعٍ، أنه لو فسَّر ما يبقى من الثلث بعد الاستثناء بأقل القليل، قُبل منه؛ فإن لفظَ الشيء مبهمٌ صالحٌ للقليل والكثير، واستثناءُ المعظم غيرُ ممتنع؛ فإنه لو قال: أوصيت لفلان بعشرةٍ إلا تسعةً، كان الموصى به درهماً، [ولو] (١) أقرّ كذلك، صح استثناؤه؛ فاللفظ المطلق في الوصية والإقرار محمولٌ على الأقل.

فإن اتبع متبعٌ العرفَ، لم يستقم له هذا على قياس الشافعي رضي الله عنه، مع مصيره إلى أن الإقرار بالمال العظيم يجوز أن يحمل على الحبة والقيراط، فما دونهما.

٧٣٠٧ - وقد رأيت لصاحب التقريب مسألةً حكاها في كتابه من (٢) جواب الشافعي مسائلَ، وذلك أنه قال: قيل للشافعي: إذا أوصى رجل لرجل بأقلَّ من مائة دينار، فالموصى به كم؛ فقال الشافعي -فيما حكاه عنه- الموصى به تسعةٌ وتسعون ديناراً.

وهذا مما لا أحيط به، ولست أدري مأخذه من أصل الشافعي، ولا اغترار بأن يقول قائل: ذكر المائةَ فيُلزمها ونطرح لقوله: أقلّ من مائةٍ ديناراً واحداً؛ لأنه ذكر الدنانير، فأقلُّ محطوطٍ مع لزوم الدنانير دينارٌ.

والذي يقتضيه قياس الشافعي القطعُ بأنه موصٍ بأقلّ ما يتموّل؛ فإنه يجوز أن يقال: القيراط [أقلُّ] (٣) من مائة دينار، ولا يعارض هذا إلا قولُ القائل: هذا غيرُ مستعمل في العرف؛ فقد أوضحنا أن العرف لا مبالاة به [في] (٤) هذا المقام. هذا هو الذي [يجب] (٥) القطع به.


(١) زيادة من المحقق.
(٢) مرادفة لـ (عن).
(٣) زيادة من المحقق. ومعنى العبارة: أن من قال: أوصيت بأقلَّ من مائة، يجوز أن يحمل قوله على الوصية بقيراطٍ، فالقيراط يجوز أن يطلق عليه أنه أقلُّ من مائة دينار.
(٤) في الأصل: من.
(٥) في الأصل: معنى القطع به.