للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٧٦٠٤ - والصفاتُ المرعية في الأوصياء خمسٌ: الإسلام، والبلوغ، والعقل، والحرية، والعدالة. ذكر الأصحاب هذه الصفات. والرشدُ لا بد منه؛ فإن من لا يستقل وإن كان عدلاً لا يصلح للقيام على الأطفال، وتنفيذِ الوصايا، وإنما اشترطنا العدالة في الوصاية ولم نشترطها في الوكالة؛ من جهة أن من يوكل وكيلاً من أهل التصرف فإنما يوكله في حق نفسه، ويُحل تصرفَه محل تصرف نفسه، فلا معترض عليه. والوصي يتصرف في حق غير الموصي، فيجب أن يُرعى فيه استجماع الصفات التي ذكرناها.

فقد قال علماؤنا: إذا وكل الرجل وكيلاً، ثم قال له موكله: وكِّل فيما فوضت إليك وكيلاً، فليس لذلك الوكيل أن يوكِّل فاسقاً؛ فإنه إنما يوكّل على غيره؛ فيجب أن يرعى المصلحة فيه؛ فلا يوكِّل إلا موثوقاً به صالحاً.

وكذلك لمالك المال أن يودعه عند فاسق، والمودَع في نفسه إذا احتاج إلى المسافرة، وجوزنا له أن يودع الوديعة التي (١) عنده، فيتعين عليه أن يودعها عند عدلٍ موثوق به.

ثم اشتراط التكليف بيِّنٌ؛ فإلب التصرف لا يصح إلا من مكلّف، واشتراط العدالة معلَّلٌ بما ذكرناه، واشتراط الحرية سببه أن العبد لا يستقل بنفسه؛ ولذلك لم يكن من أهل الولايات.

ثم مذهب الشافعي رضي الله عنه أن المكاتب لا يجوز أن يكون وصياً، كالقِنّ؛ فإنه وإن كان مستبداً بنفسه في تصرفاته وأكسابه، فلا يستقلّ استقلالاً تاماً، ولذلك يمتنع عليه كثير من التصرفات، وعند أبي حنيفة يجوز أن يكون المكاتب وصياً، وهذا أيضاً يناقض قول أصحابه (٢): [إن] (٣) الوصي بمثابة الولي.

وأما اشتراط الإسلام فسببه أنا [لا نثق بكافر] (٤)، فإن أوصى مسلم إلى كافرٍ، لم


(١) ساقطة من (س).
(٢) ر. الاختيار: ٥/ ٦٧، وحاشية ابن عابدين: ٥/ ٤٤٨.
(٣) في الأصل: فإن.
(٤) في الأصل: لم نثق بكافر.