للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والدليل الخاص في ذلك ما روي أن شابَّين من الأنصار أثخنا أبا جهل يوم بدرٍ وقَطَراه (١) من فرسه، ثم صادفه ابنُ مسعود مثخناً فجثم على صدره، فناطقه أبو جهل، وأجاب ابنُ مسعود، وطال تحاورهما، ثم احتزَّ (٢) ابنُ مسعود رأسه، فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم سلبه الشابين، ولم يعط ابنَ مسعود منه شيئاً (٣)، فصار ذلك نصّاً، وحسن معه حمل كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المعتاد، كما تقدم ذكره.

ولو قطع المسلم يدي قِرنه، وترك رجليه، أو قطع رجليه وترك يديه، فقد [ذكر] (٤) العراقيون اختلاف نصٍّ أن هذا هل يكون إثخاناً، وأن ذلك لو صدر من مسلم، ثم جاء مسلم آخر [وأجهزه] (٥)، فالسلب لمن؟ وأجْرَوْا القولين في ذلك: أحدهما - أن السلب للأول؛ فإنه أزمنه وأبطل قوّته ومُنَّته.

والثاني - أن السلب للمجهِز، فإنه قد يبقى (٦) فيه بعد قطع اليدين قتالٌ بسبب رجليه، وقد يعْدُو، فيجلب الكفار على المسلمين. وإن بقيت يداه، فقد يبطش بهما.


(١) قطراه من فرسه: ألقياه عنه، يقال: قطر فلاناً: أي صرعه، وقطره فرسُه: ألقاه على أحد قُطريه (جانبيه) (المعجم).
(٢) احتزّ: يقال: احتزّ السياف رأسه، قطعها (المعجم).
(٣) قصة مقتل أبي جهل وسلبه، واردة في الصحيحين، أثخنه معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعاذ بن عفراء، وجاءا رسول الله صلى الله عليه وسلم كل منهما يقول: أنا قتلتُه، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سيفيهما، وقال: كلاكما قتله، وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح.
(ر. البخاري: كتاب فرض الخمس، باب من لم يخمس الأسلاب، ح ٣١٤١، ٣٩٦٤، ٣٩٨٨، ومسلم: كتاب الجهاد، باب استحقاق القاتل سلب القتيل، ح ١٧٥٢)، وانظر أيضاً (التلخيص: ٣/ ٢٢٣، ٢٢٤ ح ١٤٧٧).
(٤) في الأصل: حل.
(٥) في الأصل: وأخره.
(٦) (س): بقي.