للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنظر في ذلك إلى الإمام، والأحوالُ على التباسٍ، فإن رأى التسوية بين التنفيل في البدأة والتنفيل في الرجعة، سوى بينهما، وإن رأى أن يجعلهما متفاوتين، فلا معترض عليه، ثم له أن يجعل ما في البدأة أكثر مما في الرجعة، وله عكس ذلك، والسبب فيه أنه لم يَرد في ذلك توقيف شرعي، نقف عنده؛ فكان الأمر مفوضاً إلى الرأي والاجتهاد. ولو صح في بعض الآثار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفَّل على قدرٍ [في] (١) البدأة والرجعة، فليس ذلك -إن صح- تقديراً، وإنما هو حكم الوفاق.

ثم لا يحتكم صاحب الأمر بهذا؛ فإنّ التحكم بالتفضيل في المال، والحرمان [منه] (٢) غيرُ سائغ، والمال إذا تعلق الأمر فيه بالزيادة والنقصان، والأثرة والحرمان خطر في الاجتهاد.

٧٧٢٥ - ثم إذا تبين جواز التفضيل في [التنفيل] (٣)، فقد اختلف أصحابنا في المسألة، فمنهم من قال: إذا خصص الإمام قوماً بشيء، فنجبر ذلك النقصانَ للجند، ويكون جبران النقصان من خمس الخمس المرصد المصالح، وهؤلاء يرون هذا الجبران حتماً، وحكماً متبعاً لا يُتعدى، ثم يردّون الأمر إلى اختيار الإمام من وجهٍ، ويقولون: إن شاء الإمام -وقد نفّلَهم الربعَ، أو ما رأى- جاء بهذا القدر من سهم المصالح (٤)، ولم يخصص المتنفِّلين المفضلين بأعيان ما أَتوْا به، وإن أحب، فضّلهم بذلك القدر من أعيان ما أصابوه، ثم غرم لباقي الجند مقدارَ التفضيل من سهم المصالح، وهذا القدر لا معترض فيه.

هذا قولنا.

ومن أصحابنا من ذكر قولاً آخر: إن التفضيل في التنفيل جائزٌ للإمام، من غير أن


(١) سقطت من الأصل.
(٢) في النسختين: فيه.
(٣) في الأصل: السبيل.
(٤) جاء بهذا القدر من سهم المصالح: المعنى أنه لا يترك لهم أعيان ما أخذوه من العدو، بل يعطيهم بدلاً منه من سهم المصالح، كما سيتضح من العبارة التالية.