للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٧٧٣٥ - ومما يذكره الأصحاب في الكتابين أن واحداً من الأسرى لو أسلم بعد الإسار، فلا شك أنه يمتنع قتلُه، وقد قال الشافعي: "لو أسلموا بعد الإسار رُقوا"، وظهر اختلاف الأصحاب في هذا، فالذي صار إليه جماهير الأصحاب أنه لا يمتنع بإسلامهم بعد الإسار إلا القتل، ويتردّد الإمام فيهم على حسب الرأي بين المنّ، والفداء، والرق، فأما المن، فإذا كان يجوز في حق الأسير المصرّ على الكفر، فهو فيمن أسم أولى وأجوز، وإذا جوزنا الإرقاق، فالمفاداة أجوز.

ثم هؤلاء [يفتنّون] (١) في تأويل قول الشافعي رضي الله عنه، حيث قال: "وإذا أسلموا بعد الإسار، رُقّوا" والغاية [المقبولة] (٢) في التأويل أنهم قربوا من الرق، وهذا يناظر قول المصطفى عليه السلام من وقف بعرفة، فقد تم حجه، والمراد قرب من التمام، وأمن الفوات.

ويمكن أن يقال: المن مما يقلّ في تصرف الإمام، فلم يعتدّ به الشافعي، وكذلك المفاداة، [والغالبُ] (٣) الإرقاقُ والقتلُ، فبنى الشافعيُّ رضي الله عنه على الغالب، وردّ النظر إلى القتل والإرقاق، ثم صادف القتلَ ممتنعاً، فقال: رُقُّوا. هذا هو الممكن في التأويل.

ومن أئمتنا من جرى على [ظاهر النص، وقال: من أسلم من الأسارى، رُقّ.

وهذا وإن كان يوافق] (٤) ظاهر النص، ففي توجيهه عُسرٌ، [والممكن] (٥) فيه أنه إذا أسلم، فالمن يتعلق بأهل الحرب الذين لم يلتزموا حكمنا، والمفاداة ينبغي أن تفرض من [أموال أهل الحرب] (٦) أيضاً؛ فإن ابتداء ضرب مال على مسلم بمثابة ابتداء ضرب


(١) في الأصل:، " ـ ـعبون "، والمثبت من (س).
(٢) في الأصل: المنقول، و (س): المنقولة، والمثبت تصرف من المحقق، على ضوء المعنى.
(٣) في الأصل: والغالبة.
(٤) ما بين المعقفين سقط من الأصل.
(٥) في الأصل: والتمكن.
(٦) في الأصل: من أموالهم.