للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بينهما مسافة القصر، فالذي أراه على قول المنع من النقل القطع بأنه لا يجوز إخراج الزكاة إلى غير القريتين. وإن كان بينهما مسافة القصر، ففيها احتمال ذكرناه في التردد في الإقليم. ولو اتفق وجوب الزكاة، والماشية في إحدى القريتين المتقاربتين، وقلنا: يمنع النقل، لم تتعين القرية التي وجبت الزكاة فيها لتفرقتها على الظاهر.

ومن وجبت عليه الزكاة في بلد ولا يجد فيه أحداً من أهل الاستحقاق، وربما احتاج في نقلها إلى قدرها أو زيادة عليه، فقد قال بعضهم: يلزمه النقل ومؤونته وإن عظمت. ولا تحتسب من الزكاة، قال: وهذا بعيد، والأصح أنه لا يجب، ويخالف الساعي إذا جمع الزكوات، واحتاج في نقلها إلى مؤونة، حيث قلنا: تكون من نفس الزكاة.

ورب المال مخير بين أن ينقلها ويلتزم مؤونتها، وبين الصبر إلى أن يجد مستحقها، ولا تنزل الزكاة في يد من وجبت عليه منزلة الوديعة حتى يقال: إن وصل إليه مستحقها سلمها إليه، بل يجب عليه أن يفضها على المستحق إذا لم تلزمه مؤونة، وإن وجبت مؤونة، فعلى الاحتمال الذي ذكرناه.

ذكر العراقيون حِلَّة (١) ينتجعون في البادية ومعهم أصناف أهل الاستحقاق لا يفارقونهم، فيجب صرف زكاتهم إليهم؛ لأنهم بمنزلة المقيمين معهم. هذا على قول منع النقل. قال: وفيها احتمال يُشير كلامهم إليه؛ لأن منع النقل في حكم البعيد الذي لا يستقيم على [السبر] (٢)، والأخبار وردت في المقيمين، وهؤلاء مسافرون.

فصل

٧٨١١ - قال: ويجمع أهل الاستحقاق أنهم أهل الحاجة، ولكن منهم من هو محتاج إلى أخذها، كالفقراء، ومنهم من يحتاج إلى دفعها إليه كالعاملين ونحوهم، فنبدأ منهم بمن بدأ الله تعالى بذكره فقال: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: ٦٠]، فللفقراء سهم، وللمساكين سهم، ولو جرى ذكر الفقراء في وصية، فهم


(١) حِلّة: أي أهل حلٍّ، أي متحضرون، أهل حضر.
(٢) السبر: بالباء، وهي الأصل بالياء المثناة التحتانية.