للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يكن في يد الإمام فيء وافتقرت طائفة من ذوي القربى، فالجمهور أنه لا يجوز أن يصرف إليهم من سهم المساكين، وقال الإصطخري: يجوز إذا لم يكن فيء؛ لأنهم حرموا الصدقة، وأقيم الفيءُ في حقهم مقامها، فإذا لم يكن فيء، حلّوا محل الأجانب الذين لا قرابة لهم. وهذا بعيد.

وكما لا يصرف إليهم من سهم الفقراء والمساكين لا يصرف إليهم شيء من سهم (١) الزكاة، وإن اتصفوا بصفات الاستحقاق.

فإن [كانوا] (٢) عاملين، فالأصح أنه يصرف إليهم؛ لأن نصيب العامل بمثابة الأجر. وقيل: لا يصرف إليهم.

وكانت الزكاة محرمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصدقة التطوع، ويشهد له حديثٌ: فإنه عليه السلام دخل بيته، فرأى بُرْمة تغلي، فخرج وعاد، [فاستطعم] (٣)، فقدم إليه خبز قفار؛ فقال عليه السلام: "البرمة تفور باللحم"، فقيل: يا رسول الله إنه لحم تُصدق به على بريرة -والظاهر أنها كانت صدقة تطوع- فلم يردّ عليه السلام ذلك القول، لكنه قال: "هو عليها صدقة، ولنا منها هدية" (٤).

وفي تحريم صدقة التطوع على بني هاشم وبني المطلب وجهان: أحدهما - التحريم قياساً على المصطفى، والجامع استواؤهما في الصدقة المفروضة.

قلت: والاستدلال بقوله عليه السلام: "نحن أهل بيت لا تحل لنا الصدقة" (٥) أولى من القياس.

والوجه الثاني - أن النبي صلى الله عليه وسلم يختص بتحريم صدقة التطوع. وفقه ذلك أنه عليه السلام كان مكفياً ببيت المال، وهو يُطعِم ويسقي، فلا يليق بمنصبه


(١) من سهم الزكاة: المراد من جنس الزكاة.
(٢) غير واضحة بالأصل.
(٣) في الأصل: فاستعظم.
(٤) حديث "هو عليها صدقة، ولنا منها هدية" سبق تخريجه.
(٥) حديث "نحن أهل بيت لا تحل لنا الصدقة" متفق عليه من حديث أبي هريرة (ر. اللؤلؤ والمرجان: ١/ ٢٣٥ ح ٦٤٥، التلخيص: ٣/ ٢٤٣ ح ١٥٢١).