للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والسَّرف هو الخروج عن المعتاد، فيما لا يُكسب أجراً، ولا [يُسْمي] (١) شرفاً [و] (٢) ليس محرّماً (٣).

ويشترط لقضاء دين الخاصة من الصدقة ألا يكون في يده ما يقضي به الدين، فأما [من] (٤) تحمَّل ديةً في تسكين فتنة لولا تحملها، لثارت، فإذا طلب قضاء ذلك عنه، لزمت إجابته؛ وإن كان غنياً بعقاره ومنقولاته، متمكناً من قضاء تلك الحَمالة من غير عسر يلحقه.

وإن كان غنياً بالنقدين أو بأحدهما، ففيه قولان: أحدهما - يؤدى عنه دينه، كما لو كان غنياً بعقاره وعروضه تحريضاً [لسادات] (٥) القبائل على تطفئة ثائرة الفتن؛ فإنه تكثر منهم، فلذلك لا يكلّفون بقضائها من أموالهم.

والقول الثاني - لا يقضى من الصدقة إذا كان له وفاء من نقد؛ لأن صرفه في هذا الوجه لا يثقل على المقتعِدين (٦) للرياسة بخلاف بيع العقار والمنقولات، فإنها تصدّ المتحمل؛ فإنه يعد قريباً من الخروج من منصب المروءة في العرف، وهذا وإن لم نرضه في القياس، فهو لائق بالمعاني الكلية.

ولو تحمّل الغرامة في إتلاف مال جرَّ فتنةً، ففيه طريقان: أحدهما - أنه كمتحمل الدية. وقيل: إن كان معه وفاء من النقد، لم يعط من الصدقة قولاً واحداً، وإن كان له غير النقد، فقولان على عكس الترتيب المقدّم.


(١) في الأصل هكذا: "يسما" والتصرف في الرسم والضبط من المحقق، على اعتبار أن الفعل (سما) بمعنى (علا) يُعدّى بالهمزة -والتعدية بها قياسية، كما أقرها مجمع اللغة العربية- فيُسمي بمعنى يعلي، فيكون المعنى: "فيما لا يكسب أجراً، ولا يُعلي شرفاً" والله أعلم.
وأجزم أنها محرفة عن (ينمي) من قولهم: فلان ينميه حسبُه، أي يرفعه.
(٢) زيادة اقتضاها السياق.
(٣) أي ليس محرماً لذاته، وإلا فهو محرم من حيث كونه إسرافاً ومجاوزة حد الاعتدال. (ر. المجموع: ٦/ ٢٠٨).
(٤) في الأصل: "ما" وهي تستعمل لمن يعقل على ندور إذا أمن اللبس، ومنه قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٢] ولكن غيرناها جرياً على الغالب.
(٥) في الأصل: "لمسادات" ولا معنى لها.
(٦) هكذا قرأناها بصعوبة، والمعنى: من يتصدون للرئاسة، ويقتعدون مقاعدها.