للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي أحاديث من الوعيد الذي يلحق الملحف في السؤال، قال عليه السلام: "الملحف في السؤال يحشر يوم القيامة وليس على وجهه مُزعة لحم" (١) ويروى "يحشر وفي وجهه خدوش".

ومتى انتهى السؤال إلى الإيذاء (٢) فهو ممنوع. ولو آثر المرء الصمت في الضرورت مع قيام الدواعي، فهو ممنوع، قال عليه السلام: "من صمت وقد حقّ عليه النطق، فهو شيطان أخرس" (٣).

وإذا مست الحاجة، فالسؤال مسوّغ، والتعفف حسن، وإن لم يكن حاجة [و] (٤) لم ينته السؤال إلى الإيذاء، فهو مكروه، إلا أن يُباسط صديق صديقاً، فلا كراهة في هذا، وقد يدخل المسرة.

فصل

٧٨٢٦ - والمعني بقوله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: ٦٠] سهم من الصدقة يصرف إلى الغُزاة المطّوعة، ولا يشترط فيه كونُه محتاجاً، بل لو كان من أغنى الناس إذا طلب، يُسعف بكفايته في مركبه وسلاحه ونفقته: فالمركب ما يبلِّغه إلى محل القتال، فارساً كان يقاتل أو راجلاً، كما لا تجب حجة الإسلام على من لا يجد راحلة


(١) حديث "الملحف في السؤال يحشر يوم القيامة وليس على وجهه مُزعة لحم" رواه البخاري، والنسائي من حديث أبي هريرة (ر. البخاري: الزكاة، باب من سأل الناس تكثّراً، ح ١٤٧٤، النسائي: الزكاة، باب المسألة، ح ٢٥٨٥).
رواية "يحشر وفي وجهه خدوش" أخرجها أصحاب السنن الأربعة من حديث ابن مسعود (ر. أبو داود: الزكاة باب من يعطى من الصدقة، ح ١٦٢٦، الترمذي: الزكاة، باب ما جاء من تحل له الزكاة، ح ٦٥٠، النسائي: الزكاة، باب حد الغني، ح ٢٥٩٣، ابن ماجه: الزكاة، باب من سأل عن ظهر غنى ح ١٨٤٠).
(٢) كذا قرأناها، ويرشح هذه القراءة، ويؤيدها العبارة الآتية قريباً في ختام الفصل، حيث قال: "إلا أن يباسط صديق صديقاً، فلا كراهة في هذا، وقد يُدخل السرور".
(٣) أثر "من صمت وقد حق عليه النطق، فهو شيطان أخرس". هذا ليس حديثاً، وإنما هو من كلام أبي علي الدقاق، ذكره عنه أبو القاسم القشيري في الرسالة القشيرية (ص ٣٦).
(٤) زيادة اقتضاها السياق.