للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: من ادّعى حَمالة، [وأشكل] (١) علينا حاله، طولب بالبينة، على قياسٍ بيِّن. فإن استفاض أمرها (٢)، اكتُفي بالاستفاضة فيها، وقيل: هذا إذا انتهت إلى حدٍّ يفيد العلم [كأخبار التواتر] (٣)؛ لأنها أقوى من البينة، وإذا لم تُفد إلاّ غلبة ظن، فلا أثر لها (٤)، وعليه البينة، وفيما ذكره [فقه] (٥).

وإذا انتهت الاستفاضة إلى إفادة العلم، فإنها تفيد القاضي علماً في الخصومات.

فإن قلنا: يجوز أن يحكم بعلمه، قضى بها، وإن منعنا القضاء بالعلم، فقد منع بعضهم القضاء بها؛ بناء على الأصل، ومنهم من أجازه؛ لأن المحذور من القضاء بعلمه تعرضه للتهمة، وقد زالت بالاستفاضة. والاكتفاء بها إذا أفادت ظناً فيما نحن فيه أفقه؛ لأن الأحكام فيه مبنية على الظن، بخلاف مفاصل الخصومات؛ فإنها منوطة بالعدد والتعبدات، ولا أظن بمن لم يكتف (٦) اشتراطه إقامة بينة في مجلس القضاء، فإن طرد قياسه، فهو بعيد من وضع الباب، مخالف لسيرة السلف؛ فإنهم ما أخرجوا مستحقي الصدقة إلى مجلس الحكم. وإن اكتفى بقولٍ في غير مجلس القضاء، فالاستفاضة أقوى. ولعل المعتبر أن يشيع التحمل إشاعة يكتفى بمثلها في إثبات النسب، وتنبني الشهادة عليها.

...


(١) في الأصل: "أو أشكل" والمثبت تقدير منا.
(٢) أي الحَمالة.
(٣) كذا قرأناها مراعاة لأقرب صورة للحروف، وأقرب معنى للسياق، وإلا فمكان ما بين المعقفين كلمتان في أولاهما أثر تصويب، وقد رسمتا هكذا: " كصاصـ االـ وا ـر " مع رسم حاء صغيرة تحت الثاني والرابع من الكلمة الأولى؛ علامة على إهمالها، مما ضلّلنا طويلاً.
(٤) لم يفرق الرافعي بين إفادة الاستفاضة العلمَ أو غلبةَ الظن، وجعل حكمها في الحالين واحداً، وهو قبولها. (الشرح الكبير: ٧/ ٤٠٠).
(٥) في الأصل: فقيه. وهو سهو واضح.
(٦) أي من لم يكتف بالاستفاضة.