للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وليس المراد بكونهن أمهات المؤمنين أنه يجوز لهنّ التكشف لهم، كتكشف الأم لأولادها، بل المراد به التشبه بالأمهات في التحريم.

٧٨٣٩ - وبنات رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يشبهن أخوات المؤمنين؛ لأنه لو كان كذلك، لحرمن كما حرم زوجاته، لكن يقال: هن بنات أمهات المؤمنين. ومن ذلك لا يقال: معاوية خال المؤمنين، بل نقتصر على ما جاء التوقيف به ولا نتعداه.

قال المزني رحمه الله: "إنّ الله تعالى لما خص به رسوله صلى الله عليه وسلم، وميز بينه وبين خلقه لما فرض عليهم من طاعته، افترض عليه أشياء خففها عن خلقه ليزيده بها إن شاء الله قربة إليه" (١).

والقراءة المشهورة (لِمَا) مخففة مكسورة اللام؛ ليكون بمعنى التعليل.

وفي الكلام خلل من وجوه، ينقدح في بعضها الذب (٢) والتأويل، ولا يتجه في بعضها جواب، فمن وجوه الخلل أنه قال: "إنّ الله تعالى لما خصّ به رسوله من وحيه، وأبان (٣) بينه وبين خلقه بما فرض عليهم من طاعته، افترض عليه أشياء" (٤)، فجعل تخصيصه بما افترض عليه معللاً بما خُص به من الوحي، وفُرِض على الخلق من طاعته، فهذا [كلام] (٥) مضطرب، نبيّن ما فيه من الخلل. قلنا: لفظ الشافعي على ما نقل المعتمدون عنه، قال رضي الله عنه: "إن الله تعالى لما خصّ به رسوله فأبان من فضله بالمباينة بينه وبين خلقه، افترض عليهم طاعته" (٦) فجعل افتراض طاعته منوطاً


(١) ر. المختصر: ٣/ ٢٥٤ والكلام هنا بمعناه، وسيأتي قريباً بنصّه.
(٢) كذا. والمعنى: يمكن في بعضها الدفع للخلل وتأويله.
(٣) أبان: من المباينة والمخالفة.
(٤) هذه عبارة المختصر بنصها.
(٥) زيادة اقتضاها السياق.
(٦) ر. الأم: ٥/ ١٢٤ مع اختلاف يسير في اللفظ، فعبارة الأم: "إن الله تعالى لما خص به رسوله من وحيه، وأبان من فضله من المباينة بينه وبين خلقه بالفرض على خلقه بطاعته في غير آية من كتابه". [وذكر الآيات] ثم قال: "افترض الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم أشياء خففها عن خلقه، ليزيده بها -إن شاء الله- قربة إليه وكرامة، وأباح له أشياء حظرها على خلقه زيادة في كرامته، وتبيناً لفضيلته، مع ما لا يحصى من كرامته".