للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٧٨٥٠ - وإذا أقرّت المرأة بالزوجية، فإن قالت: زوجت نفسي، فإقرارها مردود؛ لأنها لا يصح إنشاؤها له، ولو قالت: زوجني وليّي، قبل في الجديد، ويردّ في القديم، إلا أن تكون مع الزوج في بلد غربة، فيحكم به؛ لأنه يعسر استصحاب الولي في أسفارهما، فلو عادا إلى الوطن، لم يتبع ذلك الإقرار بالنقض. وقال شيخه (١): لا حكم له؛ تفريعاً على القديم، وزعم أن إقرارها في الغربة غير مقبول ولا يفرّق بينهما، للضرورة التي أشرنا إليها. قال (٢): وإن اتجه هذا في القياس، فهو بعيد من المذهب. ولا شك أنه لا ينقض القضاء المتصل به.

وإن فرعنا على الجديد، فأقرت بالنكاح مطلقاً، انبنى على سماع دعواها بمطلق النكاح، فإن لم تصح دعواها المطلقة، لم يصح إقرارها المطلق.

وإن قالت: زوجني وليي، فإن كان غائباً، لم نتوقف على حضوره، بل تسلم إلى المقرّ له، وإن كان الولي حاضراً، فالوجه مراجعته، فإن صدّقها، فهو المراد، وإن كذبها، لم يقبل القفال إقرارها؛ لأنها مقرة على الولي. وقيل: يقبل إقرارها؛ لأنها أثبتت حقاً عليها لزوجها، فهي كالمقرة بالرّق لغيرها.

وإن قلنا: تكذيب الولي يبطل إقرارها، فجرى في غيبته، سلمت إلى الزوج، فإذا عاد الولي، فكذبها، فيخرج إلى أنّا إذا قبلنا إقرارها في الغربة، ثم عادت إلى الوطن، هل يستدام ذلك القبول؟ وإن قلنا: نقبل إقرارها على الإطلاق، فقال الولي: "لا ولي لك غيري، وما زوّجتك"، فهو على الخلاف الذي ذكرناه، والأظهر أنه لا يؤثر تكذيبه.

٧٨٥١ - أما الولي إذا أقر بتزويجها، فإن لم يملك إجبارها، لم نقبل إقراره عليها؛ لأن رضاها شرط يجب اعتباره.

وإن كان مجبراً لها، فإن أقر في حالة يملك إنشاء العقد عليها، قُبل إقراره؛ لأن ملك الإقرار يتبع ملك الإنشاء نفياً وإثباتاً، وإن كان قد زال عنها الإجبار، فزعم أنه


(١) شيخه: الضمير يعود إلى إمام الحرمين، وشيخه هو والده، الشيخ أبو محمد الجويني.
(٢) "قال" أي إمام الحرمين، فهو يردّ توجيه شيخه، ويراه بعيداً من المذهب.