للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحالة، فإذا مسّت حاجتها إليه (١)، زوّجها، بخلاف الصغيرة؛ فإنه لا حاجة بها، فتؤخر إلى حين بلوغها واستئذانها. والوجه الثاني - يزوج المجنونة البالغة عصباتها؛ لأن القريب النسيب أولى من السلطان؛ لأن مرتبة الولاية تقتضيه؛ فعلى هذا يراجِع السلطانَ، فإذا أذن له، زوّجها؛ فيقوم السلطان مقامها في الإذن عند عجزها عنه، ولأن عصبتها لا يستبد بتزويجها؛ لقصور شفقته، فإن امتنع العصبة، زوّجها السلطان، كما لو عضل.

وإن قلنا: يزوجها السلطان، استحب له مراجعة العصبة ذوي الآراء، وقيل: يجب؛ لأنهم أخبر [ببواطن] (٢) الأحوال، وهو ضعيف. فإن تستّر (٣) العصبة، استبد به السلطان.

ولا تقف معرفة حاجة المجنونة على قولها؛ لأنه لا حكم له، بل تُعرف حاجتها بمخايل لا تخفى، فإن لم تظهر مخيلة حاجتها، ورأى أهل الرأي تزويجها، زُوّجت.

وإن لم يرَ الأطباء تزويجها، ولا ظهرت مخيلة حاجتها، ورأى السلطان أو النسيب تزويجها لكفاية نفقتها ومؤونتها، فأصح الوجهين أنها لا تزوج؛ لأنه يكون إجباراً على النكاح، ولا يملكه غير الأب والجد. والسلطان قال: يثبت له حق الإجبار في المجنونة البالغة. قلت: ولا يصح تسمية تزويجها إجباراً؛ لأن الإجبار لمن يكون له اختيار.

قال: وإذا عُدِم الولي الخاص، زوج السلطان بحق الولاية، لقوله صلى الله عليه وسلم "السلطان وليّ من لا وليَّ له" فأما إذا زوج عند عضل الولي، فهو نائب عنه، لا بحكم الولاية؛ لأنه لو كان بولاية، لوجب إذا عضلها الأخ ولها عم ألا يزوجها السلطان إلا بإذن العم، والأمر بخلافه؛ فإن الولاية تقتضي تقديم العم على السلطان. وقيل: يزوجها بحكم الولاية؛ لأنه لا يجوز لغيره التزويج هاهنا.


(١) "إليه": أي إلى النكاح.
(٢) في الأصل: "المواطن".
(٣) كذا تماماً رسماً ونقطاً.