البالغ، فإن قلنا: لا يجبره؛ لأنه يملك الطلاق، فالصغير لا يملك الطلاق، وإن قلنا: يُلزم ذمته مالاً، فكذا الصغير؛ فإنه لا يملك إجباره على الكتابة، والأوْلى توجيه القولين في [الصغير بالصغر](١): فإن قلنا: يجبره، اعتبرناه بالصغير الموْلي عليه، والسيد بالأب والجد، وإن قلنا: لا يجبره؛ فلأن السيد لا ينظر لعبده، وإنما ينظر لملكه، والنكاح لا يرد على محل ملكه، وكذا الحاكم في المجنون.
قال العراقيون: إن قلنا: السيد يجبر عبده على النكاح، فالعبد لا يجبر سيده على الإنكاح. وإن قلنا: السيد لا يجبر عبده على النكاح، فهل يجبر العبد سيده على الإنكاح؟ قولان. وتعليله أن الطباع مجبولة على التشوف إلى النكاح، والرق لا نهاية له، فلو منع هذا الجنس من النكاح لجر ضرراً عظيماً. وإن قلنا: لا يُجبَر عليه السيد، فهو منعٌ لا ينتهي إلى الضرورة؛ ولذلك لا يجب على الأب أن يُعفَّ ابنَه. فإن أجرينا القولين، فرعناهما على أن السيد لا يجبر عبده، وإن قلنا: يجبره، بَعُد إجراء الإجبار من الجانبين، ويجوز أن نجريهما على القول بأنه يجبره، ويكون للعبد أن يحمله على التزويج، كما أن الأب يجبر البكر البالغة على النكاح، وهي تحمله على أن يزوجها، فالإجبار جائز من الطرفين. فإذا قلنا: العبد يجبر سيده، فمعناه أنه يطلب منه التزويج، فإن أجابه، فذاك، وإن أبى، فعلى وجهين: أحدهما - أن العبد يتزوج بنفسه، والثاني - لا يتزوج، لكن يأثم السيد بالامتناع.
ومن نصفه حر، لا يملك مالكُ رقه إجباره اتفاقاً؛ لما فيه من الحرية، وهل يملك هو إجبار مالك رقه على إنكاحه؟ على القولين؛ لأن حريته تؤكد استحقاقه إجبار مالك رقه، وتمنع من إجبار السيد له؛ لأن التزويج يتناول جملته؛ فلا يَجبُر موصوفاً بالحرية من غير سبب.
٧٨٧٢ - ويملك السيد إجبارَ أمته على النكاح؛ لأنه يعقد على منافعَ مملوكةٍ له، وهي منافع بضعها، بخلاف العبد، فإن كانت تحل للسيد، لم يُجبَر على تزويجها؛ لأنه يُعطِّل حقه من الاستمتاع بها، ولا حجر عليه فيه، ولا تملك مطالبته به؛ فإن
(١) زيادة من المحقق؛ فعبارة الأصل: "والأولى توجيه القولين في الصغر، فإن قلنا ... إلخ".