بقي النظر في إجازة الوارث وردّه، فإن رد الوارث العتق الزائد على الثلث، عَتَقَ ثلثها. وتبين فساد النكاح على الشبهة، ثم لا يخفى تفصيل ذلك.
وإن أجاز الوارث، خرجت الإجازة على قولين؛ في أن الإجازة من الورثة ابتداء تبرع منهم أم تنفيذ للوصية؟ فإن حكمنا بأنه ابتداءُ تبرع، فالنكاح مجرىً على الفساد؛ فإن العتق كان متبعضاً حالة النكاح. وإنما أنشأ الوارث الإتمامَ من بعدُ، وإن حكمنا بأن الإجازة تنفيذ، فيبين صحة النكاح.
وهذا القائل يجب أن يقول: إذا ثبت نفوذ العتق؛ بأن يصح المعتِق، فالحكم في النكاح على الصحة تنجيزاً وتبيّناً؛ فإنا تبينا الحكم صحة النكاح ظاهراً حال حياته، فإذا صح من مرضه، فقد اطرد ما بنينا صحةَ العقد عليه.
فأما إذا كان نفوذ العتق بسبب استفادة مال زائد، ثم تمادى المرض إلى الموت، أو كان سبب النفوذ إجازة الوارث، وقد جرى أمر جديدٌ سوى ما بنينا عليه نفوذ النكاح؛ فيحتمل أن يلتحق هذا بما لو زوج الإنسانُ جارية أبيه في غيبة أبيه، ثم تبين أن الأب كان ميتاً حالة التزويج، ويحتمل أن نحكم بالصحة في مسألة المريض في صورة استفادة المال [و](١) في التفريع على أن إجازة الوارث تنفيذ؛ فإن ما يتجدد فهو موافق لما تقتضيه الحياة من تنفيذ التصرفات. وهذا بيّن.
وفيما مهدناه من تصوير وجوه الوقف في كتاب البيع ما يقرر هذا.
وإن فرعنا على مذهب ابن الحداد؛ فلو أعتق المريض الجارية، وفي يده مال يفي ثلثُه بقيمة المعتَقة حالة الإعتاق، وجرى تزويج الأخ على هذه الحال، ثم طرأت آفةٌ قللت ماله، وردّت ثلثه إلى مبلغٍ ما يفي بقيمة الجارية؛ ففي قياس ابن الحداد تردّدٌ في هذه الصورة: يجوز أن يقال: النكاح محمول على الصحة في الحال بناءً على كثرة المال، ويجوز أن يقال: لا يحمل النكاح على الصحة لنقصان تصرف المريض، والأموال عرضة الآفات. فهذا مجموع القول فيما فزعه ابن الحداد.
٧٨٩٦ - وقد ذكر الشيخ أبو علي في أثناء الشرح تفريعاً على وجه ابن الحداد - شيئاً،