للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن دعت واحداً من أوليائها إلى التزويج، وكان من الممكن أن يزوجها غيرُ هذا المدعو؛ فهل لهذا المدعوّ أن يمتنع، ويكل التزويج إلى أصحابه؟ فيه اختلاف؛ ينبني على أن الجماعة إذا تحملوا شهادة، فدعا صاحب الحق اثنين منهم إلى إقامة الشهادة، فهل يتعين عليهما أن يقيما ما تحملاه؟ فيه اختلاف مشهور، وسيأتي ذكره في كتاب الشهادة، إن شاء الله عز وجل. هذا إذا امتنعوا.

٧٨٩٨ - فأما إذا تنازعوا في التزويج، فكان يطلب كل واحد منهم أن يكون هو المزوج، نظر: فإن خصصت المرأة واحداً منهم بالإذن والتفويض، فهو المزوج لا غير؛ فإن الأولياء في حقها بمثابة الأجانب في حق من يريد أن يوكل واحداً منهم بالتصرف، وستزداد [المسألة] (١) وضوحاً في فصول الوكالة من بعدُ، إن شاء الله عز وجل.

وإن أذنت لجميع الأولياء، ولم تخصص بإذنها واحداً منهم، فإذا تنازعوا -كما صورنا- فإن كان فيهم من هو أسن وأفضل؛ فالأولى للأولياء أن يسلموا ذلك إلى أسنهم وأفضلهم. وهذا استحباب لا تنتهي مخالفته إلى حد الكراهة؛ من جهة أن تعاطي [التزويج] (٢) حق لكل واحد من الأولياء، ولا ينتهي نَدْبُنا الإنسانَ إلى ترك حظه إلى حدّ الكراهة.

فإن استمروا على النزاع، فالأولى أن يقرع بينهم، ويفوض التزويج إلى من خرجت له القرعة.

فلو خرجت القرعة لواحدٍ، فابتدر [غيرُه] (٣) وزوج، نفذ التزويج، إذا كانت المرأة مستمرة على الإذن للجميع، كما صورنا.

والذي أراه الآن أيضاًً أن تزويج المبتدِر لا ينتهي إلى حد الكراهية؛ لما حقَّقتُه، إلا


(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) في الأصل: الزوج.
(٣) زيادة من المحقق لا يستقيم الكلام بدونها. (راجع المسألة في الشرح الكبير: ٨/ ٣ - ٤، والروضة: ٧/ ٨٧ - ٨٨).