للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المتقدم على الإحرام، وإذا أحرم الوكيل، لم يزوِّج في حالة إحرامه ويُقضَى بانعزاله، فإذا تحلل، فليس وكيلاً.

ونحن إذا جعلنا الإحرام غير منافٍ لأصل الولاية، فكأنا ألحقنا الإحرام بالإغماء، وقد ذكرنا في كتاب الوكالة تردد الأصحاب في أن الإغماء إذا طرأ على الموكِّل أو على الوكيل، فهل يضمن انقطاعَ الوكالة وانعزالَ الوكيل؟ فلا يبعد خروج الإحرام على ذلك الخلاف في جانب الموكّل والوكيل جميعاً.

وقد ذكر الصيدلاني في مجموعه وجهين محكيين عن الأصحاب؛ في أن طريان الإحرام في الموكل والوكيل، هل يوجب الانعزال؟ ثم قال: إذا أحرم الموكِّل، وقلنا: لا ينعزل الوكيل، فإنه لا يزوج ما دام موكِّله محرماً؛ فإنه يستحيل أن يتصرف الوكيل عن موكله، ولكن إذا حلَّ الموكل، فيزوِّج الوكيل حينئذ.

٧٩١٣ - ومما نذكره في مقاصد الفصل السكر إذا طرأ. فإن قلنا: الفاسق ليس وليّاً، فإذا فسق بالشرب، خرج عن كونه وليّاً. وإن قلنا: الفاسقُ وليّ، رجع النظر إلى تصرفات السكران في حالة سكره؛ قال الأصحاب: إن قلنا: السكران كالصاحي والفسق لا ينافي، فقد أطلق الأصحاب أنه يصح منه التزويج.

وذكر شيخي فيه مستدرَكاً حسناً، فقال: السُّكر إن لم ينافِ التصرفَ، فهو ينافي الرأي والنظر، وتصرف الولي مربوط بالنظر، فيستحيل أن ينفذ تصرفه على حكم النظر ولا نظر (١) له. وهذا يضاهي مذهباً لبعض الأصحاب في أن المرتد إذا سكر، فلا يُقبل عوْده إلى الإسلام في حالة سكره؛ فإنه لا يعقِل ما يقول. وهذا فيه نظر على حال، كما سيأتي شرحه في موضعه، إن شاء الله تعالى.

فأما نظره وهو في سكره الطافح غير (٢) متصور، وهذا إذا قلنا: تصرف السكران نافذ. فأما إذا قلنا: لا ينفذ تصرفه، فالسكر إغماء، وقد مضى تفصيل القول في الإغماء بما فيه مقنع وبلاغ.


(١) المذهب أنه لا يزوّج وإن بقي له تمييز ونظر. قاله النووي (ر. الروضة: ٧/ ٦٣).
(٢) جواب (أمّا) بدون الفاء، كدأب الإمام في كثير من الأحيان.