للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وهو] (١) أن الرجل إذا خاطب الخاطب بالتزويج، فقال: زوّجتك ابنتي فلانة، فقال الخاطب: "قبلتُ"، ولم يقل: "قبلتُها" ولا "قبلت نكاحها"، فقد نقول: لا ينعقد النكاح، ما لم يتعرض القابل لذكر النكاح، وذكر المنكوحة. وقد نقول يصح النكاح. والتعويل في توجيه ذلك على ابتناء القول على الإيجاب، من حيث إنه جواب له. ومن رتّب جوابه على خطاب من خاطبه، كان الخطاب في حكم المعاد في الجواب. وسيأتي شرح ذلك، إن شاء الله عز وجل.

فنقول في الوكيل: إذا قال: "قبلت"، وقد قال الموجِب: "زوجت فلانةً فلاناً"، وذكر الخاطبَ؛ إن قلنا: لو جرى العقد بين الزوج والخاطب، لم ينعقد النكاح بقول الخاطب "قبلت"، فلا شك أنه لا ينعقد بقول الوكيل على هذا الوجه أيضاًً. وإن قلنا: إذا قال الخاطب: "قبلت"، كفى، فلو قال الوكيل: "قبلت"؛ ففي المسألة وجهان: أحدهما - أن النكاح يصح للموكل، تمسكاً بتنزيل الجواب على حسب الخطاب، وقد أضاف المزوِّج إلى الموكِّل، فكفت إضافته، وابتنى قبول الوكيل عليه، وتُرك على موجب الإضافة.

والوجه الثاني - أن النكاح لا يصحّ؛ فإن القابل ليس مخاطَباً حتى يكون قبوله مبنياً على حسبه، وإنما المسمَّى في النكاح الموكِّل، فليكن كلامُ الوكيل مستقلاً على ما تقتضيه سفارة النكاح. فإذا لم يكن مستقلاً، لم يصح العقد. وبهذا ينفصل قبول [الخاطِب] (٢) بنفسه عن (٣) المزوِّج (٤)، فإنهما متخاطبان، ولا يمتنع أن يبتني جواب المجيب منهما على خطاب المخاطب.


(١) في الأصل: فهو.
(٢) في الأصل: المخاطب.
(٣) عن: بمعنى من، أي قبول التزويج من المزوّج.
(٤) "ينفصل قبول الخاطب بنفسه عن المزوِّج": المراد أن قبول الخاطب بنفسه إيجاب الولي (المزوِّج) ليس مثل قبول وكيله، فالمزوّج -ولياً كان أو وكيلاً عنه- مخاطب للخاطب، فيجوز أن يبنى قبوله على إيجابه بعكس وكيل الخاطب فالمزوِّج لا يخاطبه؛ فلا ينبني قبوله على إيجابه.