للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٧٩٦٣ - ثم إن كان للمرأة أمة؛ فلا شك أنها لا تتولى تزويجها، ولكن يزوج أمتها من يزوجها، والمرعي إذنُ المالكة، كما تقدم ذكره.

وذكر صاحب التلخيص أن ولي المرأة لا يزوّج أمتها؛ فإنه لا يملكها ولا يليها، وليس بينه وبينها نسب ولا سبب، ثم قال: إذا أرادت المالكة تزويج الأمة، رفعت الأمة إلى السلطان، فيزوجها بإذن المالكة، وعدّ هذا من منازل تزويج السلطان، وقد اتفق الأصحاب على تغليطه (١) فيما ذكر، وأجمعوا على أنه يزوج أمتها وليُّها.

وقياس ما قال صاحب التلخيص أن يطّرد هذا في معتقة المرأة، ويقال: لا يزوجها إلا السلطان؛ فإن الولاء إنما يثبت للمرأة المعتَقَة، ولا يثبت التصرف لأوليائها في حياتها ما دامت حية، وهذا لا سبيل إلى عدّه من المذهب.

٧٩٦٤ - ومما يتعلق بذلك؛ أن الولي على الطفل أو السفيه، لو أراد أن يزوج جاريته، أو يزوج من عبده، فحاصل المذهب ثلاثة أوجه؛ أحدها: أن ذلك يجوز؛ إذ قد يُفضي نظرُ المصلحة إليه، ولهذا يلي تزويجَ ابنته والتزويجَ من ابنه.

والوجه الثاني - أنه لا يزوج الأمة، ولا يزوج من العبد؛ لأن تزويجها ينقص قيمتها، والتزويج من العبد يشغل عن كسبه، ويعرضه لنزف القوة؛ فليس التزويج منهما من مصالح الملك؛ وإنما هو مصلحتهما في أبدانهما؛ وحق الولي أن يرعى في مال الطفل مصلحةَ المال، لا مصلحة أبدان العبيد والإماء.

والوجه الثالث - أنه يزوج الأمة ولا يزوج من العبد؛ لأن في تزويج الأمة إسقاط مؤنتها، وفي التزويج من العبد شَغْل [عن] (٢) كسبه.

ثم إن جوزنا للولي أن يزوج جارية الطفل؛ فإنه يزوج جارية الثيب الصغيرة وإن


(١) الذي رأيته في (التلخيص لابن القاصّ)، عكس ما حكاه عنه إمام الحرمين، ونص عبارته: "والأولياء خمسة: السلطان فيمن لا ولي له، والعصبة، ومن له ولاء العتاقة من الرجال، والسيد في أمته، وولي السيدة في أمتها وليُّها، قاله نصاً ما لم تعتق، فإن أعتقتها لم يزوجها ولي سيدتها، قلته تخريجاً". ا. هـ بنصه (التلخيص لابن القاص: ٤٩٤) فهل للتلخيص رواية أخرى؟ أم ماذا؟
(٢) سقطت من الأصل.