بلسانه، وأفهم المخاطَب؛ فللأصحاب في هذا تردد، ونحن نجمع مقالاتهم في نظمٍ واحد، فنقول: إن كان لا يحسن العربية، وكان لا يتأتى منه تعليماً؛ فالذي ذهب إليه أئمة المذهب: أن النكاح ينعقد بمعنى اللفظ، ولم يخالف فيه أحد إلا أبو سعيد الإصْطخري، فإنه قال: لا ينعقد النكاح إلا بلفظ العربية، ومن لا يحسنها، فليصبر إلى أن يتعلمها، أو ليكل الأمرَ إلى من يحسنها، وليوكّل بتعاطي العقد من يعقده بالعربية.
فأما إذا كان يحسن العربية، فعدل عنها قصداً إلى المعنى؛ ففيه اختلاف مشهورٌ بين الأصحاب: فمنهم من قال: يصح النكاح؛ فإن المتبع المعنى، وإنما يجب اتباع اللفظ فيما يتأكد التعبد فيه، ومحله العبادات.
ومنهم من قال: لا مَعْدِل عن اللفظ مع التمكن من استعماله، كما لا معدل عن الأصول المنصوصة في الزكاة، وإن كانت الأَبْدال تسد مسدها فى سد الحاجة.
والقائل الأول ينفصل عن الزكاة، فإنها (١) عبادة، ولذلك لا تقع الموقع من غير نية. هذا فيه إذا كان يحسن العربية، فعدل عنها.
فأما إذا كان لا يحسن العربية ولكن كان يتمكن من تعلّمها، فلم يتعلمها، واكتفى بالمعنى، ففي المسألة وجهان مرتبان على الوجهين في الصورة الأولى، والفرق لائح.
وقد قال العراقيون: إن كان يحسن العربية، لم يجز له العدول عنها، وجهاً واحداً.
وإن كان لا يحسنها، ويتمكن من تعلّمها على القرب؛ ففي المسألة وجهان. وإذا ضممنا من يحسن إلى من لا يحسن، وكان يتمكن من التعلم، اتسق في المسألتين ثلاثة أوجه: أحدها - المنع فيهما.
والثاني - الجواز فيهما.
والثالث - الفرق، كما نبّهنا عليه.
(١) كذا في النسختين، ولعلها: "بأنها". وقد صدقتنا (صفوةُ المذهب).