للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالكنايات، عوّل على ما يقترن بها من قرائن الأحوال، هذا لا بد منه، وإن كنا قد نعدّ التعويل على قرائن الأحوال من مذهب أبي حنيفة.

فأما ما لا يتمحض التمليك فيه؛ فهو كالإجارة، وسبب اختلال التمليك فيه عند الفقهاء: أن المنافع معدومة، وسببه عندنا أن المنفعة مشكلة في نفسها، لا تقع على جنس من الأعيان أو صفاتها، كما تقرر ذلك في الإجارات. والذي يوضح هذا أنه ينعقد بالإجارة، وإن لم يكن لفظ الإجارة مُشعراً بإفادة التمليك، بل معنى الإجارة تخصيص المستأجر بالدار على وجه يلتزم به أجرة الدار، فلو عُقدت الإجارة بلفظٍ يقتضي التمليك، فإن أضيف اللفظ إلى الرقبة؛ لم يصح، وإن أضيف التمليك إلى المنافع؛ ففيه وجهان: مثل أن يقول ملّكتك منافع الدار شهراً.

المرتبة السادسة: لفظ يجري غير مفتقر إلى القبول في المعاملات، كالإبراء، والفسخ، وما في معناهما، فالكنايات تتطرق إليها بلا خلاف؛ إذ لا حاجة إلى إفهام قابل، ولا إلى إشهاد، وكان القياس يقتضي في جميعها جوازَ التعليق بالصفات، ولكن ليس يجري ذلك عندنا إلا في العتاق، وإطلاق الوصايا، وما يقبل المجاهيل كالجعالات ونحوها.

فهذه جُمل في مراتب الألفاظ يأنس بها من [يطلب الأغواص محل الإعواص] (١).

فرع:

٧٩٧٣ - إذا كان أحد المتناكحين يحسن العربية، وأتى بلفظ الإنكاح والتزويج، وقابله الثاني بالفارسية - والتفريع على أن النكاح ينعقد بالفارسية، فإن كان الآتي بالفارسية يحسن العربية ويفهمها، صح النكاح، وإن كان لا يفهم العربية، ولكن أخبره من يثق به أن معنى اللفظ الذي أتى به صاحبه النكاحُ، هل ينعقد العقد والحالة هذه؟ ذكر العراقيون في ذلك وجهين: أحدهما - أنه يصح؛ ثقةً بتفسير المترجم الموثوق به.


(١) في الأصل: "من يطلبها والإعواض محل الإعواص" والمثبت من (ت ٣). والمعنى من يطلب الغَوْصَ في مواضع الإِعْواص، حينما تُعْوِصُ المسائل.