للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقديم الخُطبة على الخِطبة، فإذا حان (١) الوقت، ودخل وقت إنشائه، استحببنا تقديم خُطبةٍ على العقد على النسق الذي ذكرناه، ثم إن خطب الولي، فحسنٌ، وإن خطب الخاطب، فكذلك، وإن خطب ثالث، ثم تولى العقد [الولي] (٢) والخاطب، فحسنٌ. وهذه عادة عرفت من عهد أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم.

ثم إذا حمد الله الولي وصلى على المصطفى، ثم أوجب، وحمد الله [الخاطب] (٣) وصلى ثم قبل؛ فقد قدم كل واحد منهما على قوله حمداً وصلاة.

ولكن يعترض في هذه المسألة أنه تخلل بين الإيجاب والقبول كلام، وهذا من الأصول التي يجب الاعتناء بها، فإن تخلل بين الإيجاب والقبول سكوت في زمن متطاول، يدل مثله على إعراض القابل أو نسيانه، أو غفلته، أو على اشتغاله بالفكر فيما هو بصدده؛ فهذا يقطع الإيجاب عن القبول. وإن قصر زمان السكوت، ولم يُشعر بما ذكرناه، لم يضرّ، وإن تخلل بين الإيجاب والقبول كلام في زمان: لو فرض في مثله (٤) السكوت بدلاً عن الكلام، لما كان ينقطع الإيجاب عن القبول؛ فهذا موضع الغرض من المسألة.

قال الأئمة: إن كان ذلك الكلام غير متعلق بغرض العقد؛ ففي ترتب انقطاع العقد عليه وجهان: أحدهما - أنه ينقطع؛ لأن الكلام اليسير بمثابة السكوت الطويل، بدليل أن السكوت الطويل يقطع تلاوة الفاتحة، ويقطعها الذكر اليسير في أثنائها، كما يقطعها السكوت الطويل.

والوجه الثاني - أن العقد لا ينقطع؛ ونصُّ الشافعي في كتاب الخلع دليلٌ على ذلك؛ فإنه قال: لو قال الرجل لامرأتيه: "أنتما طالقتان على ألف"، فارتدّتا، ثم قبلتا الخلع، وذلك بعد المسيس، ثم عادتا إلى الإسلام قبل انقضاء العدة، فالخلع


(١) ت ٣: جاز.
(٢) في النسختين: "للولي".
(٣) في النسختين: المخاطب.
(٤) ت ٣: في بدل مثله.