للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صاحبه؛ وسبب اندفاع "حق" (١) القطع من الجانبين عموم ثبوت النفقة في أوانها من الطرفين جميعاً، ولما اختص الأب باستحقاق الإعفاف على ابنه، اختص جانبه بانتفاء الحد عنه في هذا القبيل. وإذا كان الأب لا يقتل بقتل ولده، فيبعد أن يرجم بوطء جارية ابنه. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك" (٢). فهذا ما ذكره الأصحاب في انتفاء الحد.

فأما المهر، فالذي قطع به المحققون: وجوب المهر؛ فإن الوطء وطء شبهة.

وما أوجب درء الحد حرمة الوطء (٣) في هذا المحل.

وذكر العراقيون تفصيلاً في المهر، فقالوا: إن كانت جارية الابن مكرهة؛ وجب المهر، وإن كانت مطاوعة؛ ففي وجوب المهر وجهان. وهذا غلط صريح؛ فإنهم قطعوا أقوالهم بانتفاء الحد؛ فلا معنى (٤) مع ذلك التفصيل الذي ذكروه (٥)، وإنما [يستدُّ] (٦) هذا التفصيل في الجارية المغصوبة إذا زنا بها الغاصب - كرهاً أو طوعاً.

ثم تصير الجارية محرمة على الابن؛ فإنها موطوءة الأب وطئاً محترماً.

فلو قال الابن: اغرم لي قيمة الجارية، وخذها، لأنك حرمتها عليّ، لم يكن له


(١) كذا في النسختين، ولعلها "حدّ".
(٢) حديث: "أنت ومالك لأبيك": رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والبزار عن عمر، ورواه ابن حبان من حديث عائشة، وابن ماجه، وبقي بن مخلد، والطحاوي عن جابر، والطبراني في الصغير عن ابن مسعود، وفي الكبير عن ابن عمر، وسمرة، والحديث صححه الألباني (ر. أبو داود: البيوع، باب في الرجل يأكل من مال ولده، ح ٣٥٣٠، ابن ماجه: التجارات، باب ما للرجل من مال ولده، ح ٢٢٩١، ٢٢٩٢، أحمد: ٢/ ١٧٩، ابن حبان: ٤١٠، ٤٢٦٢، إرواء الغليل: ٣٣٨، وتلخيص الحبير: ٣/ ٣٨٣ ح ١٦٧٠).
(٣) ت ٣: للوطء.
(٤) لا معنى: أي لا حكمة ولا علة مع هذا التفصيل تؤيده.
(٥) الأمر كما قال إمام الحرمين، فقد قال النووي: المذهب أنه كوطء الشبهة، فعليه المهر للابن (ر. الروضة: ٧/ ٢٠٨).
(٦) في النسختين: "يستمرّ". و (يستدّ) أي يستقيم، وقد أثبتناها لأنها الأوفق في هذا السياق، ولأنها معهودة في ألفاظ إمام الحرمين، ولأن تصحيفها واضح.