للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقول الثاني - يجب استعمال ما وَجدَ من الماء، والتيممُ بسبب الباقي، كما لو سقط بعضُ أعضاء وضوئه؛ فإنه يجب عليه أن يغسل ما بقي منها.

وهذا القول يلتفت توجيهه على جواز تفريق النيّة على أعضاء الوضوء، كما سبق تقريره في تفريع تفريق الوضوء فعلاً، فكأن كلَّ عضوٍ مقصودٌ بنفسه.

وتوجيه القولين مستقصىً في الخلاف (١).

ثم إن أوجبنا استعمال ما وجده، فلا خلاف أنه يجب تقديم استعمال الماء الموجود أولاً؛ فإن سبب التيمم عدمُ الماء، وهذا لا يتحقق ما لم يستعمل ما وجده.

٢٧٨ - ومما يتفرع أن المتيمم إذا وجد ما لا يكفيه لوضوئه، وعلم مقدارَه، فإنْ كنا لا نوجب استعمالَه، لم يبطل تيممه، وإن كنا نوجب استعمالَه، فيبطل التيمم، فليغسل بما وجده ما قدر عليه، وليجدد التيمم.

وفرّعَ:

٢٧٩ - ابن سريج فرعاً، فقال: الجنب لو اغتسل، وأغفل لمعةً من أعضاء وضوئه ونفِد الماءُ، ثم أحدث، فإنه يتيمم.

فلو تيمّم، ثم وجد ماءً قليلاً، لا يستوعب أعضاء وضوئه، ويستوعب اللمعةَ المغفلة، فإنْ فرَّعنا على أنه يجب استعمالُ الماء القليل الذي لا يستوعب الطهرَ، فيبطل التيمم على ذلك. هكذا قال ابن سريج.

وعلّل بأن قال: لما أحدث، وتيمّم، وقع تيمّمه عن بقية الغسل، وعن الحدث المتجدد، فلما وجد الماء، تعين عليه صرفُه إلى بقية الغسل، فإذا فعل ذلك، فقد بطل تيممه، فإنه كان التيمم عن الغسل والحدث، ثم بطل ما وقع عن الغسل، والتيمم لا يتبعّض في البطلان؛ فلزمت إعادة التيمم بسبب الحدث الذي كان طراً (٢).

فأما إذا فرّعنا على أن الماء القليل الذي نقص عن الطهر لا يجب استعماله، فقد قال ابن سريج: لا يبطل التيمم على هذا القول؛ فإن التيمم من جهة وقوعه عن


(١) لم يعرض لهذه القضية في الدّرة المضية، فلعله عرضها في كتاب آخر من كتبه في الخلاف.
(٢) في (د ٣): طرداً.