للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما القول في ثبوت الاستيلاد؛ فالمنصوص عليه للشافعي أن الاستيلاد يثبت (١)، وهو مذهب أبي حنيفة.

واختار المزني أنها لا تصير أم ولد. وهذا هو القياس، وللشافعي ما يدل على ذلك؛ لأنه قال: "إذا ملك جارية وابنتَها، فوطىء الجارية، حرمت البنت عليه، فلو وطىء البنتَ (٢)؛ فهل تصير أم ولد؟ فعلى قولين. وكذلك إذا وطىء جارية ابنه". هذا لفظ الشافعي.

فمن أصحابنا من ذكر قولاً مطلقاً للشافعي في أن الاستيلاد لا يثبت. ونحن نقول: هذا القول إن كان مخرّجاً، فهو منقاسٌ حسن؛ فإن جارية الابن ملكُه الخالص، لا شرك للأب فيها، ولو فرضنا شركاً، لما حلت للابن.

وإن كان هذا القول مأخوذاً من نص الشافعي -الذي نقلنا لفظه- فهو بعيد؛ فإن الشافعي ذكر [احتمال] (٣) البنت المملوكة، بعد ما حرمت على الأبد بوطء أمها، وكان ذلك ترديد القول في محرمةٍ على التأبيد، ثم عطف، فقال: "كذلك الأب إذا وطىء جارية ابنه". وظاهر هذا دليل على أن صور وطء الأب في موطوءة الابن حتى تكون محرمة على الأبد [كما أن البنت محرمة على الأب] (٤) بوطء الأم.

فحصل مما ذكرناه؛ أن ظاهر المذهب ثبوت الاستيلاد (٥).

ومن أصحابنا من ذكر قولاً آخر: أن الاستيلاد لا يثبت. وهو مذهب المزني.

وحكى الأئمة عن صاحب التقريب قولاً ثالثاً وهو: أنه يفصل بين أن يكون الأب موسراً إذا وفَّى بقيمة الجارية، وبين أن يكون مُعسراً.

توجيه الأقوال: من نفى الاستيلاد، فقياسه ومتعلّقه بيّن، ومن أثبته، تعلق بما


(١) وهو الأظهر، قاله النووي (ر. الروضة: ٧/ ٢٠٨).
(٢) أي وطىء البنت بعد ما حرمت عليه.
(٣) في النسختين: آجال.
(٤) الزيادة من ت ٣.
(٥) عبارة النووي: وهل تصير الجارية أم ولد للاب؟ فيه أقوال: أظهرها، نعم. (ر. الروضة: ٧/ ٢٠٨).