للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلم يكن للنظر إلى الإعسار واليسار معنى، و [علّة] (١) نفوذ العتق صدوره من أهله في محل ملكه.

ومن خرّج قولاً في الفصل بين الموسر والمعسر؛ فوجهه مراعاة حق المرتهن، وهو مختارٌ في إعتاقه.

والمرتبة الثالثة: استيلاد الأب جارية ابنه، وهذه المرتبة بعيدة عن اعتبار اليسار والإعسار فيها؛ لأن المتبع حرمةُ الأبوة؛ فلا سبيل إلى إسقاطها في المعسر. فإن [عورضنا] (٢) بأن الراهن المعسر مالكٌ أيضاًً، قلنا: لا يمتنع الحجر على المالك، [وأين] (٣) يقع تنفيذ تصرف المحجور عليه من حرمة الأبوة؟

فهذا بيان هذه المنازل.

وقد رأيت لصاحب التقريب [القول الثالث في الفرق بين الموسر والمعسر في إعتاق الراهن، ورأيتُ هذا القول لغيره في الرهن، فأما الفصل بين الموسر والمعسر في ثبوت الاستيلاد في جارية الابن، فلم أره لصاحب التقريب] (٤) مع اعتنائي بالبحث عن كتابه، ولم ينقل أصحابنا هذا القول إلا عنه. فهو قول مُخيل تعليلاً ونقلاً.

ويتفرع عليه أمر لا بد من إلزامه، وهو: أن الأب إذا كان موسراً؛ وجب أن تخرّج الأقوال الثلاثة في تعجيل الاستيلاد، أو تأخير الحكم به إلى بذل القيمة، أو الوقف، كما سنذكره -إن شاء الله عز وجل- في تسرية العتق من نصيب إلى نصيب.

ويجب أن يقال: إذا كان الأب مُعسراً حالة العلوق، ثم أيسر من بعدُ، لم يؤثّر طريان اليسار، وتكون الجارية فيه تباع (٥)، وإن كان الأب يبذل قيمتها بيساره الطارىء. كل ذلك لا بد منه إذا فرّعنا على الفرق بين الموسر والمعسر. وهذا منتهى الكلام في هذا القول، فلا عود إليه.


(١) في الأصل: وعليه، و (ت ٣): وعامة.
(٢) في النسختين: عورضا.
(٣) في النسختين: وأن.
(٤) ما بين المعقفين زيادة من: (ت ٣).
(٥) تباع: أي يجوز للابن بيعها، ذلك أن يده محتوية عليها.