للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٨٠٠٢ - ومما يليق بهذا المنتهى؛ أنا إذا لم نثبت الاستيلاد، وحكمنا بأن الجارية رقيقة؛ فهي حامل بولد حر، والصحيح أن بيع الجارية الحامل بالولد الحر غير صحيح، فلو قال الابن: قد حِلتَ بيني وبين التصرف في الجارية، فاغرم لي قيمتها؛ فهل له أن يغرّمه؟ فعلى وجهين. وهذا لا يختص بالأب والابن، بل لو وطىء رجل جارية أجنبي بشبهة، وعلقت منه بمولود؛ فهل لمالك الجارية أن يغرّمه القيمة؟ فعلى ما ذكرنا من الوجهين.

توجيههما: من قال: تجب القيمة، احتج بما ذكرناه من الحيلولة، ومن قال: لا تجب، احتج بأن يد المالك مستمرة على الجارية، وهو يتمكن من الانتفاع بها، فلا تتحقق الحيلولة باستئخار البيع في أيام.

٨٠٠٣ - وكل ما ذكرناه كلام في قسم واحد، وهو إذا وطىء الأب جارية الابن، ولم تكن الجارية موطوءة الابن (١ أما إذا وطئها وهي موطوءة الابن ١)، فلا شك أنها محرمة على التأبيد على الأب، فأول ما نذكره أنه هل يلزم الأبَ الحدُّ أم لا؟

المنصوص عليه في الجديد: أنه لا يلتزم الحد لحرمة الأبوة.

والقول الثاني - نص عليه في القديم: أن الحد يجب، وهذا القول يجري (٢) في كل وطء محرم لا اشتباه في تحريمه، ولا لبس على الواطىء. حتى لو وطىء جاريته المملوكة وهي أخته، فالحد في هذا يجب ولا يدرؤه الملك القائم، وكذلك إذا كانت مملوكة محرمة برضاع أو مصاهرة، وكذلك لو كانت مزوّجة. ومحل هذا القول وطء محرم لم يختلف العلماء في تحريمه، ولم يلتبس تحريمه على الواطىء، وكان شيخي لا يطرد هذا القول في وطء الحائض، ويقول: المحرّم من وطئها ملابسة الأذى، كما دل عليه قوله تعالى: {قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: ٢٢٢]، ويجب على قياس القول القديم إيجاب الحد على أحد الشريكين إذا وطىء الجارية المشتركة، لما ذكرناه.

فإذا تمهد هذا؛ رجعنا إلى غرضنا من الفصل.


(١) ما بين القوسين سقط من (ت ٣).
(٢) ت ٣: مجرىً.