للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في منع نكاح جارية الابن إلى الوجهين؛ في أنه هل يجب على الابن إعفاف أبيه بحرة، أم له أن يعفه بنكاح أمة؟ وهذا التردد إنما يجري عند يسار الابن، واقتداره على أن يُعف بالحرة، فإن لم يقتدر على ذلك؛ وجب القطع بجواز إعفافه بنكاح أمة.

ثم يجب في هذه الصورة القطع بأن للأب أن ينكح أمة ابنه. هذا التفريع لا بد منه، وفي كلام الشيخ أبي علي التزام هذا. وهو بعيد عن مذهبنا - إذا فرّعنا على أن جارية الابن تصير أم ولد للأب (١) إذا حبلت منه في النكاح، فهذا كنا نعرفه مذهباً لأبي حنيفة (٢)، أو لبعض أصحابه.

فإذا تمهد المراد في ذلك، وبان من مذهب شيخنا وغيره أن النكاح لا يمنع نفوذ الاستيلاد، فلو طرأ ملك الابن على زوجة الأب -فنقول (٣): لو علقت منه بمولود، صارت أم ولد؛ ثم يترتب عليه انفساخ النكاح إذا وقع؛ فعلى هذا، لو قيل لنا: هلا حكمتم بانقطاع النكاح- لمصيره إلى المعنى المحذور، وهو تعرض النكاح للزوال بما هو من مقاصده، وهذا قد اعتمدناه في منع ابتداء النكاح؟ قلنا: الذي رأيناه للأصحاب: أن دوام النكاح لا ينقطع؛ فإن الملك الطارىء ليس [للزوج] (٤)، ولا يبعد الفرق بين الدوام والابتداء.

وسمعت شيخي -في مسألة ميراث الزوجة وملكها رقبةَ زوجها المكاتَب- يقول -وقد أُلزم طريان ملك الابن على زوجة الأب- فقال: قد أقول بانفساخ النكاح.

وقد رأيت هذا لبعض أئمة الخلاف، ولست أعده من المذهب؛ فإني لم أره لموثوق به في نقل المذهب، ولم يذكره شيخنا في سياق المذهب، ولعل ما ذكره كان جرياناً منه على طريقة الخلافيين.

٨٠٢١ - ويتصل بهذا المنتهى، القول في نكاح أمة المكاتِب. فنقول أولاً: إذا


(١) في الأصل: أم ولد له.
(٢) ر. طريقة الخلاف للأسمندي: ٥٥ مسألة: ٢٣، إيثار الإنصاف: ١٠٩، فتح القدير: ٣/ ٤٠٧.
(٣) ت ٣: فسنقول.
(٤) في النسختين: للمزوج.